الكلام في التقليد
ويقع الكلام أوّلاً في معناه. وثانياً في أحكامه. أمّا الكلام في تعريفه فهو أنّه عرّف بتعاريف ، منها : أنّه العمل بقول الغير. ومنها : أنّه الأخذ بفتوى الغير للعمل به. ومنها : أنّه الالتزام بالعمل بفتوى الغير وإن لم يعمل ، بل وإن لم يأخذ. وقد ذكر السيد (١) قدسسره في العروة أنّه يكفي في تحقق التقليد أخذ الرسالة والالتزام بالعمل بما فيها.
ولكنّ التحقيق أنّ التقليد في العرف باقٍ على معناه اللغوي ، وهو جعل الغير ذا قلادة ، ومنه التقليد في حج القران ، فانّ المحرم يجعل البعير ذا قلادة بنعل قد صلى فيه ، وفي حديثٍ : «الخلافة قلّدها رسول الله صلىاللهعليهوآله علياً عليهالسلام» (٢) أي جعل الخلافة قلادةً له عليهالسلام فكأنّ العامي يجعل عمله قلادة للمجتهد كناية عن كونه هو المسؤول عنه ، وهو المؤاخذ بعمله لو قصّر في فتواه ، كما يفصح عن ذلك قولهم عليهمالسلام في عدة روايات : «من أفتى بغير علم فعليه وزر من عمل به» (٣) وقوله عليهالسلام في قضية ربيعة بعد افتائه ، وقول السائل : أهو في عنقك؟ هو في عنقه قال أو لم يقل ... إلخ (٤).
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ١٨ المسألة ٨.
(٢) كما في مجمع البحرين في مادة (قلّد).
(٣) الوسائل ٢٧ : ٢٠ / أبواب صفات القاضي ب ٤ ح ١ (باختلاف يسير).
(٤) نقل في الوسائل عن محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبدالرحمن بن الحجاج ، قال : كان أبو عبدالله عليهالسلام قاعداً في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة ، فأجابه ، فلما سكت ، قال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يرد عليه شيئاً ، فأعاد المسألة عليه ، فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبدالله (عليهالسلام): «هو في عنقه ، قال أولم يقل ، وكل مفت ضامن» [الوسائل ٢٧ : ٢٢٠ / أبواب آداب القاضي ب ٧ ح ٢].