وأمّا مثل قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ...) فهو أجنبي عن المقام ، فانّ الكلام في رجوع الجاهل إلى العالم لا إلى مثله كما هو المفروض في الآية بقرينة ذيلها وهو قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) مضافاً إلى أنّ بعض تلك الآيات واردة في الاصول الاعتقادية التي لا بدّ فيها من تحصيل العلم واليقين ، ولايقاس عليها الأحكام الشرعية العملية ، لقلة الاصول الاعتقادية وسهولة الوصول إليها بالعلم واليقين لظهور برهانها ، بخلاف الأحكام الفرعية فانّها مع كثرتها يصعب الوصول إليها من مداركها المقررة في الشرع ، ولذا يصرف قومٌ أعمارهم لتحصيل ملكة الاستنباط ، ولا تتيسر إلاّللأوحدي منهم حسب ما افتضته المصالح الإلهية.
ثمّ إنّ المراد من جواز التقليد هو الجواز بالمعنى الأعم ، ضرورة أنّه إذا انحصر الطريق بالتقليد ، كما إذا عجز العامي عن الاحتياط وجب التقليد في حقه تعييناً ، وأمّا مع تمكنه من الاحتياط تخير بينهما كما لا يخفى.
المسألة الثانية : في وجوب تقليد الأعلم وعدمه ، ويقع الكلام فيها في مقامين :
المقام الأوّل : في بيان تكليف العامي في نفسه من حيث إنّه يتعين عليه تقليد الأعلم ، أو أنّه يتخير بينه وبين تقليد غيره.
المقام الثاني : في بيان تكليف المجتهد من حيث إنّه يجوز له الافتاء بجواز تقليد غير الأعلم أو لا.
أمّا المقام الأوّل : فلا ينبغي الاشكال في عدم جواز تقليد غير الأعلم للعامي ، لكونه عالماً بحجية فتوى الأعلم وشاكاً في حجية فتوى غيره ، والشك