في الحجية كافٍ في الحكم بعدمها ، وقد ذكرنا مراراً (١) : أنّه في مقام دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية ، يكون مقتضى الأصل هو الحكم بالتعيين.
وكذالو أفتى غير الأعلم بجواز تقليد غير الأعلم ، لا يجوز تقليد غير الأعلم استناداً إلى فتواه ، لعدم ثبوت حجية نفس هذه الفتوى ، أي الفتوى بجواز تقليد غير الأعلم. نعم ، لو أفتى الأعلم بجواز تقليد غير الأعلم ، جاز للعامي تقليد غير الأعلم استناداً إلى فتوى الأعلم ، إذ المفروض أنّ فتوى الأعلم حجة في حقه ، وقد قامت الحجة على اعتبار فتوى غير الأعلم.
وما عن السيد (٢) قدسسره في العروة من الاستشكال في ذلك لا نعرف له وجهاً ، ضرورة أنّ فتواه بجواز تقليد غير الأعلم كفتواه بجواز الرجوع إلى البينة في إثبات الطهارة أو النجاسة مثلاً. نعم ، لو حصل للعامي يقين بعدم جواز تقليد غير الأعلم ، كما إذا استقل عقله بأنّ نسبة المفضول إلى الفاضل هي نسبة الجاهل إلى العالم ، لا يجوز له تقليد غير الأعلم ولو مع فتوى الأعلم بجواز تقليد غير الأعلم ، لكونه عالماً بخطأ الأعلم في هذه المسألة ، فلا يجوز اتباعه فيها. ولكن هذا الفرض خارج عن محل الكلام ، فانّ الكلام فيما إذا كان العامي شاكاً في جواز تقليد غير الأعلم.
وأمّا المقام الثاني : وهو جواز الافتاء بجواز تقليد غير الأعلم فيقع الكلام فيه في موردين : المورد الأوّل : فيما إذا علم الاختلاف بين الأعلم وغيره في الفتوى تفصيلاً أو إجمالاً ، وكان فتوى الأعلم موافقاً للاحتياط. المورد الثاني : فيما إذالم يعلم اختلافهما أصلاً ، أو علم الاختلاف ولكن كان فتوى غير الأعلم
__________________
(١) راجع على سبيل المثال الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ٥٢٩.
(٢) العروة الوثقى ١ : ٢٤ المسألة ٤٦.