استنباطه أرقى من الآخر بأن يكون أجود فهماً للأخبار والآيات ، وأدقّ نظراً في تنقيح المباني الفقهية من القواعد الاصولية ، وفي تطبيقها على المصاديق.
المسألة الثالثة : في اشتراط الحياة في المفتي ، واختلفت كلماتهم في ذلك. المنسوب إلى المشهور اشتراطها فيه مطلقاً. وإلى المحدثين والمحقق القمي في أجوبة مسائله (١) عدمه مطلقاً. وفصّل جمع من محققي المتأخرين بين التقليد الابتدائي والاستمراري بأ نّها شرط في الأوّل دون الثاني.
وتحقيق الحال يقتضي التكلم في مقامين : المقام الأوّل : فيما إذالم تعلم مخالفة الحي مع الميت في الفتوى. المقام الثاني : فيما إذا علمت المخالفة بينهما تفصيلاً أو إجمالاً.
أمّا المقام الأوّل : فقد يتمسك فيه لجواز تقليد الميت باستصحاب بقاء حجية فتواه ، وحيث إنّ جريان الاستصحاب يتوقف على أمرين : اليقين بالحدوث ، والشك في البقاء ، فقد اجيب عن الاستصحاب المذكور تارةً بعدم اليقين في الحدوث ، واخرى بعدم الشك في البقاء.
أمّا الأوّل : فهو أنّه في موارد التقليد الابتدائي لم تعلم حجية فتوى المجتهد ، إلاّ في حق الموجودين في زمانه ، وأمّا المعدومين فلا علم لنا بحجية فتواه في حقهم ، لاحتمال اختصاصها بالموجودين.
وفيه : أنّ مقتضى أدلة حجية الفتوى هو حجيته في حق الجاهلين على نحو القضية الحقيقية ، بمعنى أنّ كل من فرض وجوده في الخارج واتصف بكونه مكلفاً ، فهو في ظرف اتصافه به تكون فتوى المجتهد حجة في حقه ، فلا
__________________
(١) جامع الشتات ٢ : ٤٢٠.