الأوّل : أنّه ذكر بعضهم أنّه يعتبر في جواز البقاء على تقليد الميت العمل بفتواه حال حياته ، فلو لم يعمل به في حياته ، لم يجز البقاء على تقليده بعد موته. ومنشأ هذا الاعتبار هو تعريف التقليد بالعمل ، باعتبار أنّه لا يصدق البقاء على تقليده مع عدم العمل ، لعدم تحقق التقليد بدونه ، فيكون العمل على فتواه بعد موته تقليداً ابتدائياً.
ولا يخفى ما فيه ، إذ لم يرد عنوان البقاء على تقليد الميت في لسان دليل لفظي حتى نتكلم في مفهومه ، وأنّ البقاء هل يصدق مع عدم العمل في حال حياة المفتي أم لا يصدق ، بل حكم جواز البقاء من حيث اعتبار العمل وعدمه تابع للمدرك ، فنقول :
إن كان مدركه الاستصحاب ، فهو على تقدير جريانه يقتضي حجية فتوى الميت مطلقاً : عمل المكلف بها حال حياته أم لم يعمل ، لأن حجية فتواه على العامي حال حياته لا تتوقف على العمل بها ، فتستصحب.
وأمّا إن كان المدرك هي السيرة العقلائية القائمة على رجوع الجاهل إلى العالم ، فعدم اشتراط العمل في جواز البقاء أظهر ، فانّ السيرة جرت على رجوع العالم إلى الجاهل ، حياً كان العالم أو ميتاً ، عمل الجاهل بفتواه في حال حياته أم لم يعمل ، ولم يردع عنها الشارع إلاّفي خصوص التقليد الابتدائي عن الميت حيث منع عنه بمقتضى الأدلة السابقة الدالة على اعتبار الحياة في المفتي ، على ما تقدّم.
وكذا الحال فيما إذا اعتمدنا في جواز البقاء على الاطلاقات الدالة على حجية فتوى العالم ، فانّها تدل على اعتبار كونه حياً حال السؤال والرجوع إليه ، لا حال العمل ، وإطلاقها ينفي اعتبار العمل بفتواه قبل موته في جواز العمل بها