الصحيحة الاولى لاشتماله على كلمة لا ينبغي ، والتصريح بالتعليل في قوله عليهالسلام : «لأ نّك كنت على يقين من طهارتك» وهو صريح فيما ذكرناه (١) من أنّ التعليل بأمر إرتكازي ، وهذا بخلاف الصحيحة الاولى ، فانّه لم يصرح فيها بالتعليل ، غايته أنّ التعليل كان أظهر المحتملات.
ثمّ إنّ قوله عليهالسلام : «فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك» مذكور في موردين من الصحيحة : الأوّل بعد الجواب عن السؤال الثالث ، والثاني بعد الجواب عن السؤال الأخير.
أمّا المورد الثاني فلا إشكال في دلالته على حجية الاستصحاب.
وأمّا المورد الأوّل فقد استشكل في دلالته على حجية الاستصحاب بأنّ الإمام عليهالسلام علل عدم وجوب الاعادة بعدم نقض اليقين بالشك ، مع أنّ الاعادة لو كانت واجبة لما كانت نقضاً لليقين بالشك بل نقضاً لليقين باليقين ، للعلم بوقوع الصلاة مع النجاسة ، فهذا التعليل لا ينطبق على المورد ، ولذا حمل الرواية بعضهم على قاعدة اليقين ، وذكر أنّ التمسك بها للاستصحاب غير ظاهر كما في الكفاية (٢).
وهذا الكلام بمكان من العجب من قائله ، لأنّ قاعدة اليقين قوامها بأمرين : الأوّل اليقين السابق والثاني الشك الساري بمعنى سريان الشك إلى ظرف المتيقن ، كما إذا علمنا يوم الجمعة بعدالة زيد يوم الخميس ، ثمّ شككنا في عدالته يوم الخميس لاحتمال كون علمنا السابق جهلاً مركباً ، وكلا الأمرين مفقود في المقام.
__________________
(١) في ص ٢١.
(٢) كفاية الاصول : ٣٩٣.