والشك اللاحق من المجتهد بالنسبة إلى حكم شرعي كلّي كنجاسة الماء المتمم كراً وحرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال ، يستصحب هذا الحكم الكلّي ويفتي بنجاسة الماء وحرمة وطء الحائض ، ويجب على المقلد اتباعه من باب رجوع الجاهل إلى العالم.
ومن جهة كونه حجةً في الأحكام الجزئية والموضوعات الخارجية يكون البحث عنه بحثاً عن مسألة فقهية كما ذكرناه سابقاً ، ولا مانع من اجتماع الجهتين فيه ، فانّه يثبت كونه قاعدةً اصوليةً وقاعدةً فقهيةً بدليل واحد وهو قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» (١) فانّ إطلاقه شامل لليقين والشك المتعلقين بالأحكام الكلّية ، واليقين والشك المتعلقين بالأحكام الجزئية أو الموضوعات الخارجية كما مرّ نظيره في بحث حجية خبر الواحد (٢) ، بناءً على حجية الخبر في الموضوعات أيضاً ، فانّ إطلاق دليل الحجية يشمل ما لو تعلق الخبر بالأحكام وما لو تعلق بالموضوعات ، فبدليل واحد يثبت كونها قاعدة اصولية وقاعدة فقهية ، ولا مانع منه أصلاً.
الجهة الثالثة : في الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين وقاعدة المقتضي والمانع ، فنقول :
اليقين والشك متضادان ، بل باعتبار خصوصية فيهما متناقضان ، لأنّ اليقين يعتبر فيه عدم احتمال الخلاف ، والشك يعتبر فيه احتمال الخلاف ، وبين هاتين الخصوصيتين تناقض ، وإن كان بين اليقين والشك المتخصصين بهما هو التضاد. وكيف كان لا يمكن اجتماع اليقين والشك لشخص واحد بالنسبة إلى شيء
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.
(٢) [أشار إلى ذلك في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٠٠].