هو اليقين الموجود ، لا تحصيل اليقين فيما بعد ، فانّ قوله عليهالسلام : «فابن على اليقين» أمر بالبناء على اليقين الموجود ، لا أمر بتحصيل اليقين ، غاية الأمر أنّه في الشك في عدد الركعات بعد البناء على اليقين يجب الاتيان بالمشكوك فيها منفصلة للأخبار الخاصة ، ولا تنافي بينها وبين الاستصحاب على ما ذكرنا من التوجيه.
ومن جملة ما استدل به على حجية الاستصحاب : رواية الخصال عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال عليهالسلام : «من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ، فانّ الشك لا ينقض اليقين» (١) وفي نسخة اخرى «من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه ، فانّ اليقين لا يدفع بالشك» (٢).
واستشكل في دلالتها على حجية الاستصحاب : بأنّ صريحها سبق زمان اليقين على زمان الشك ، فهي دليل على قاعدة اليقين لاعتبار تقدم اليقين على الشك فيها ، بخلاف الاستصحاب فانّ المعتبر فيه كون المتيقن سابقاً على المشكوك فيه ، أمّا اليقين والشك فقد يكونان متقارنين في الحدوث ، بل قد يكون الشك سابقاً على اليقين على ما تقدّم (٣) في ضابطة الفرق بين القاعدة والاستصحاب.
وأجاب عنه صاحب الكفاية (٤) بما حاصله : أنّ اليقين طريق إلى المتيقن ، والمتداول في التعبير عن سبق المتيقن على المشكوك فيه هو التعبير بسبق اليقين
__________________
(١) الخصال : ٦١٩ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٦.
(٢) هذا النص مروي في الإرشاد ١ : ٣٠٢ ، المستدرك ١ : ٢٢٨ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٤.
(٣) في ص ٨ ـ ٩.
(٤) كفاية الاصول : ٣٩٧.