فيما إذا تقدم المشكوك على المتيقن ، فهذا الاستصحاب لا يكون حجةً إلاّفي موضع واحد ، وهو ما إذا كان معنى اللفظ متيقناً في العرف فعلاً وشك في أنّه هل كان في اللغة أو عرف الأئمة عليهمالسلام كذلك أم لا ، فيحكم بكون اللفظ حقيقةً في اللغة وعرف الأئمة عليهمالسلام أيضاً بأصالة عدم النقل. وحجية هذا الاستصحاب في خصوص هذا المورد ثابتة ببناء العقلاء ، ولولا حجيته لانسدّ علينا باب الاستنباط ، لاحتمال كون ألفاظ الأخبار في عرفهم عليهمالسلام ظاهرةً في غير ما هي ظاهرة فيه في عرفنا الحاضر ، وكذا ألفاظ التسجيلات المذكورة في كتب القدماء.
وإمّا أن يكون متعلق اليقين والشك متحداً ذاتاً ومقارناً زماناً ، وهذا لا يتصور إلاّمع اختلاف اليقين والشك من حيث الزمان ، فتارةً يكون الشك مقدّماً على اليقين كما إذا شككنا يوم الخميس في عدالة زيد يوم الأربعاء ثمّ علمنا يوم الجمعة عدالته يوم الأربعاء ، وهذا مما لا إشكال فيه ، فانّه يجب عليه العمل بوظيفة الشاك ما دام شاكاً ، والعمل بوظيفة المتيقن بعد تبدّل شكه باليقين ، واخرى يكون اليقين مقدّماً على الشك ، ويسمّى بالشك الساري ، لسريانه إلى نفس متعلق اليقين كما إذا علمنا يوم الخميس بعدالة زيد يوم الأربعاء وشككنا يوم الجمعة في عدالته يوم الأربعاء لاحتمال أن يكون علمنا السابق جهلاً مركباً ، وهذا مورد قاعدة اليقين ، وسيجيء الكلام فيها (١) من حيث شمول أدلة الاستصحاب لها وعدمه ، ومن حيث دلالة دليل آخر عليها وعدمها ، بعد الفراغ من بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
الجهة الرابعة : في تقسيم الاستصحاب على أنحاء :
__________________
(١) في ص ٢٨٧