ما تعلق به اليقين ، كي تتحد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة ، فرفع اليد عن الطهارة المتيقنة في المثالين مستند إلى الشك في رافعية الشيء الموجود ، لا إلى اليقين بوجوده ، إذ اليقين بوجود شيء بمجرده لا يوجب رفع اليد عن الطهارة.
وأمّا ما ذكره من أنّه لو فرض الشك في نقض الرعاف مثلاً للطهارة مع عدم اليقين بوجوده في الخارج ، لم يكن مجرد الشك موجباً لرفع اليد عن الطهارة ، لعدم التنافي بين اليقين بالطهارة الفعلية والشك في كون الرعاف ناقضاً لها ، فالناقض إنّما هو العلم بوجود الرعاف في الخارج ، فرفع اليد عن اليقين السابق به نقض لليقين باليقين لا بالشك ، فهو مغالطة ظاهرة ، لأنّ الشك المفروض في كلامه إنّما هو الشك في كبرى انتقاض الطهارة بالرعاف ، وهو لا يوجب رفع اليد عن الطهارة ألبتّة ، لاجتماعه مع اليقين بالطهارة الفعلية ، وإنّما الموجب لرفع اليد عن الطهارة المتيقنة هو الشك في انتقاض الطهارة بالرعاف الموجود خارجاً بالفعل الذي لا يجتمع مع اليقين بالطهارة الفعلية ، وبعد كون رفع اليد عن الطهارة المتيقنة مستنداً إلى الشك ، كان مشمولاً لدليل حرمة نقض اليقين بالشك ، فلا يبقى فرق في حجية الاستصحاب بين الشك في وجود الرافع والشك في رافعية الموجود.
وأمّا التفصيل الثاني ، فقبل التعرض له لا بدّ من بيان حقيقة الحكم والفرق بين الحكم التكليفي والوضعي ، فنقول :
الحكم الشرعي من سنخ الفعل الاختياري الصادر من الشارع ، وليس هو عبارة عن الارادة والكراهة أو الرضا والغضب ، فانّها من مبادئ الأحكام تعرض للنفس بغير اختيار ، وليست من سنخ الأفعال الاختيارية ، فالحكم عبارة عن اعتبار نفساني من المولى ، وبالانشاء يبرز هذا الاعتبار النفساني ،