فصل
وكما اتفق في قبيل عوامل الأفعال ما قد تفرد بأحكام راجعة إليه ، كذلك اتفق ههنا من ذلك أفعل التفضيل ، فإنه متفرد بأن يكون استعماله : إما [معرفة](١) باللام ، وإما مضافا ، وإما مصحوبا (بمن).
ويلزمه في الأول التثنية والجمع والتأنيث ، وفي الثالث ترك ذلك ، ولا يكون إلا منكرا فيه ، وفي الثاني الخيرة ، لم يخرج من هذا الحكم إلا (آخر) ، فإنه التزم فيه حذف (من) ، ولم يستوفه ما استوى في أخواته حيث قالوا : مررت بآخرين ، وآخرين وأخرى وأخريين وأخر وأخريات ، وإلا دنيا في مؤنثه ، فإنها استعملت بغير حرف التعريف ، قال العجاج (٢) :
في سعي دنيا طالما قدمت رجلي
أيضا. ومن ذلك (هلم) (٣) في لغة بني تميم ، فإنهم يقولون : هلما هلموا هلمي هلممن ، والظاهر من حكم أسماء الأفعال امتناع ذلك ، وعليه أهل الحجاز فيه. ولذلك حيث قالوا : هاتيا ، هاتوا ، هاتي ، هاتين ، اخترنا منع اسمية هات على ارتكاب نوع من الخفاء في اشتقاقه ؛ ومن ذلك ها : فإنه تلحق آخره همزة للخطاب ، ويصرف مع المخاطب في أحواله تصريف كاف الخطاب ، والظاهر من هذا الاستعمال فيما عداه العدم.
وأما الجزم ، فللفعل إذا أفاد فيه معنى الشرط والجزاء ، والأسماء التي تفيد ذلك هي :
__________________
(١) في (د): (معرفا).
(٢) لم أعثر عليه في ديوانه.
(٣) في لغة التميميين تدخل عليها النون بنوعيها ـ الخفيفة والثقيلة ، فقالوا : هلمّن يا رجل وهلمن يا امرأة ، وقالوا في تثنيتها للمؤنث والمذكر : هلمان وفي جمع المذكر (هلمّنّ) بضم الميم وتشديد النون ، و (هلممنانّ) لجمع النسوة. المعجم المفصل (٢ / ١١٤٧).