لهذه الأمثلة صورة التثنية والجمع ، اتبعه النصب هنا اتباعه الجر هناك ؛ طلبا للتشاكل بين الأصل والفرع.
وأما النقصان ، وذلك في جزمه عند اعتلال الآخر ، فمن حيث إن الجزم ، لما تقدم النصب في الاعتبار كما سبق آنفا ، لم يكن وروده إلا على المرفوع ، وقد عرفت أن الفعل حال اعتلال الآخر في الرفع لا يكون متحركا ، وإذا [ورده](١) ، ومن شأنه حذف الحركة ، ثم لا يجد حركة يحذفها حذف المعتل لما بينه وبينها من الاتحاد.
الفصل الثامن
في علة عمل الحروف العاملة وكيفية اختلافها في ذلك
ونحن على أن نختصر الكلام فنقول : أما الجارة فإنما عملت في الأسماء للزومها إياها ، فكل ما لزم شيئا وهو خارج عن حقيقته ، أثر فيه وغيره غالبا بشهادة الاستقراء ، وكان عملها الجر اللازم للأسماء ، ليدخل وصف العمل في وصف العامل بحكم المناسبة ، وهو بعينه الكلام في التي تجزم المضارع.
وأما العذر عن حرف التعريف وحرفي الاستقبال ، فالأقرب هو أن الاسم لشدة احتياجه إلى التعريف ؛ لامتناع خروجه في الاستعمال عن التعريف والتنكير ، جرى حرف التعريف منه مجرى بعض أجزائه ، وعلى هذا حرفا الاستقبال.
ومدار كلام أبي سعيد السيرافي (٢) ، رحمهالله ، في هذا على ما ذكرت.
وأما الناصبة للأسماء ، فعملت لمعنى اللزوم والنصب ؛ لتقويها على إفادة معنى المفعولية قريبة من أنادي وأصحاب وأستثني ، ولذلك ترى الواو لا يعمل حيث يبطل لزومه بكونه عاطفا ؛ لأنه في العطف لا يلزم الاسم ، وكذا إلا حيث يبطل لزومه بكونه
__________________
(١) في (غ): (ورد ورد).
(٢) أبو سعيد السيرافي هو الحسن بن عبد الله المرزبان إمام من أئمة النحو ، ومن علماء القرن الثالث الهجري ت ٣٦٨ ه (بغية الوعاة : ١ / ٥٠٧).