وأما الاعتبار الراجع إلى المسند من حيث هو مسند أيضا ، فككونه : متروكا أو غير متروك ، وكونه مفردا أو جملة ، وفي إفراده من كونه : فعلا أو اسما ، منكرا أو معرفا ، مقيدا [كل](١) من ذلك بنوع قيد أو غير مقيد ، وفي كونه جملة من كونها : اسمية ، أو فعلية ، أو شرطية ، أو ظرفية ، وكونه : مقدما أو مؤخرا. هذا إذا كانت الجملة الخبرية مفردة.
أما إذا انتظمت مع أخرى ، فيقع إذ ذاك اعتبارات سوى ما ذكر فن رابع ، ولا يتضح الكلام في جميع ذلك اتضاحه إلا بالتعرض لمقتضى الحال ، فبالحري أن لا نتخذه ظهريّا. فنقول ، والله الموفق للصواب.
لكل مقام مقال :
لا يخفى عليك أن مقامات الكلام متفاوتة ، فمقام التشكر يباين مقام الشكاية ، ومقام التهنئة يباين مقام التعزية ، ومقام المدح يباين مقام الذم ، ومقام الترغيب يباين مقام الترهيب ، ومقام الجد في جميع ذلك يباين مقام الهزل ، وكذا مقام الكلام ابتداء يغاير مقام الكلام ، بناء على الاستخبار أو الإنكار ، ومقام البناء على السؤال يغاير مقام البناء على الإنكار ؛ جميع ذلك معلوم لكل لبيب ، وكذا مقام الكلام مع الذكي يغاير مقام الكلام مع الغبي ، ولكل من ذلك مقتضى غير مقتضى الآخر.
ثم إذا شرعت في الكلام ، فلكل كلمة مع صاحبتها مقام ، ولكل حد ينتهي إليه الكلام مقام ، وارتفاع شأن الكلام في باب الحسن والقبول وانحطاطه في ذلك بحسب مصادفة الكلام لما يليق به ، وهو الذي نسميه مقتضى الحال ، فإن كان مقتضى الحال إطلاق الحكم ، فحسن الكلام تجريده عن مؤكدات الحكم ، وإن كان مقتضى الحال بخلاف ذلك ، فحسن الكلام تحلّيه بشيء من ذلك بحسب المقتضى ضعفا وقوة.
وإن كان مقتضى الحال طيّ ذكر المسند إليه ، فحسن الكلام تركه ، وإن كان المقتضى إثباته على وجه من الوجوه المذكورة ، فحسن الكلام وروده على الاعتبار
__________________
(١) كذا في (ط) و (د) و (غ). (كل) غير منصوبة.