المسند إليه معرفة :
وأما الحالة التي تقتضي تعرفه : فهي إذا كان المقصود من الكلام إفادة السامع فائدة يعتد بمثلها ، والسبب في ذلك هو أن فائدة الخبر لما كانت هي الحكم ، أو لازمه كما عرفت في أول قانون الخبر ، ولازم الحكم وهو أنك تعلم الحكم (١) أيضا ، ولا شبهة أن احتمال تحقق الحكم متى كان أبعد ، كانت الفائدة في تعريفه أقوى ، ومتى كان أقرب ، كانت أضعف ، وبعد تحقق الحكم بحسب تخصيص المسند إليه ، والمسند كلما ازداد تخصصا ازداد الحكم بعدا ، وكلما ازداد عموما ازداد الحكم قربا ، وإن شئت فاعتبر حال الحكم في قولك : شيء ما موجود ، وفي قولك : فلان ابن فلان حافظ للتوراة والإنجيل ، يتضح لك ما ذكرت ، ثم إن تخصص المسند إليه ، إما أن يكون لكونه أحد أقسام المعرفات فحسب ، وهي : المضمرات ، الأعلام ، المبهمات ، أعني : الموصولات ، وأسماء الإشارة المعرفات باللام ، المضافات إلى المعارف إضافة حقيقية ، مع القيد المذكور في علم النحو ، أو لما زاد على ذلك : من كونه مصحوبا بشيء من التوابع الخمسة ، والضمير المسمى فصلا ، وإما أن يكون لا لما ذكرنا ، كما ستقف عليه ، ولكل من ذلك حالة تقتضيه.
المسند إليه ضميرا :
وأما الحالة التي تقتضي كونه مضمرا ، فهى : إذا كان المقام مقام حكاية كقوله (٢) :
أنا الذي يجدوني في صدورهم ... |
|
لا أرتقي صدرا منها ولا أرد |
وقوله (٣) :
أنا المرعث لا أخفى على أحد ... |
|
ذرت بي الشمس للقاصى وللداني |
__________________
(١) في (ط) و (د): (حكم).
(٢) البيت من البسيط ولم أعثر على قائله.
(٣) البيت من البسيط ، وهو في الإيضاح (١ / ١١٣) لبشار بن برد الملقب بالمرعّث ، وفي ديوانه ص ٢٤٠.