حملك ذلك تجوزا أو سهوا أو نسيانا ، كقولك : عرفت أنا ، وعرفت أنت ، وعرف زيد زيد ، أو نفسه ، أو عينه ، وربما كان القصد مجرد التقرير ، كما يطلعك عليه فصل اعتبار التقديم والتأخير مع الفعل ، أو خلاف الشمول والإحاطة ، كقولك : عرفني الرجلان كلاهما ، والرجال كلهم ، ومنه كل رجل عارف ، وكل إنسان حيوان.
بيان وتفسير المسند إليه :
وأما الحالة التي تقتضي بيانه وتفسيره ، فهي إذا كان المراد زيادة إيضاحه بما يخصه من الاسم ، كقولك : صديقك خالد قدم ، وقوله علت كلمته : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ)(١) من هذا القبيل ، شفع إلهين باثنين ، و (إله) بواحد ؛ لأن لفظ إلهين يحتمل معنى الجنسية ومعنى التثنية ، وكذا لفظ : (إله) يحتمل الجنسية والوحدة ، والذي له الكلام مسوق هو العدد في الأول والوحدة في الثاني ، ففسر إلهين باثنين ، و (إله) بواحد ؛ بيانا لما هو الأصل في الغرض.
ومن هذا الباب من وجه قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(٢) ذكر (فِي الْأَرْضِ) مع دابة ، (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) مع طائر ، لبيان أن القصد من لفظ (دابة) ولفظ (طائر) إنما هو إلى الجنسين وإلى تقريرهما.
البدل عن المسند إليه :
وأما الحالة التي تقتضي البدل عنه فهي : إذا كان المراد نية تكرير الحكم ، وذكر المسند إليه بعد توطئة ذكره ؛ لزيادة التقرير والإيضاح ، كقولك : سلب زيد ثوبه ، وجاء القوم أكثرهم ، وحق عليك الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم ، في الأنواع الثلاثة من البدل دون الرابع ، فليتأمل.
__________________
(١) سورة النحل ، الآية : ٥١.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٣٨.