من الضمير معنى ، بقي منتظرا لعقبى الكلام كيف تكون ، فيتمكن المسموع بعده فضل تمكن في ذهنه ، وهو السر في التزام تقديمه ، قال الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(١) وقال : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ)(٢) كما يوضع المظهر موضع المضمر إذا أريد تمكين نفسه زيادة تمكين ، كقوله (٣) :
إن تسألوا الحقّ نعط الحقّ سائله
وقوله عز قائلا : (اللهُ الصَّمَدُ) بعد قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ونظيره ، خارج باب المسند إليه : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ)(٤) وكذا : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٥) وتترك الحكاية إلى المظهر ، إذا تعلق به غرض فعل الخلفاء حيث يقولون : أمير المؤمنين يرسم لك ، مكان : أنا أرسم ، وهو إدخال الروعة في ضمير السامع ، وتربية المهابة أو تقوية داعي المأمور ، وعليه قوله تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)(٦) ، أو فعل المستعطف حيث يقول : أسيرك يتضرع إليك ، مكان : أنا أتضرع إليك ، ليكون أدخل في الاستعطاف ، وعليه قوله (٧) :
إلهي عبدك العاصي أتاكا
__________________
(١) سورة الإخلاص ، الآية ١ ، ٢.
(٢) سورة الحج الآية ٤٦.
(٣) البيت من البسيط وهو لعبد الله بن عنمة الضبى الشاعر المخضرم. الإيضاح (١ / ١٥٦) وشرح ديوان الحماسة (٥٨٥) والمفضليات (ص ٣٨٢) وتمامه : والدرع محقبة والسيف مقروب.
(٤) سورة الإسراء ، الآية : ١٠٥.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٥٩.
(٦) سورة آل عمران الآية : ١٥٩.
(٧) البيت من الوافر وهو لإبراهيم بن أدهم ؛ الإيضاح (١ / ١٥٦) ، الإشارات ص ٥٥ معاهد التنصيص (١ / ١٧٠) ، شرح عقود الجمان (١ / ١٠٥).
وتتمة البيت :
مقرا بالذنوب وقد دعاكا.
وبعده :
فإن تغفر فأنت لذاك أهل ... |
|
وإن تطرد فمن يرحم سواكا |