فصل : اعتبارات الفعل وما يتعلق به
واعلم أن للفعل ، ولما يتعلق به ، اعتبارات مجموعها راجع إلى : الترك والإثبات ، والإظهار والإضمار ، والتقديم والتأخير ، فلا بد من التكلم هناك ، ومن التكلم على الخصوص في تقييده ، أعني الفعل ، بالقيود الشرطية ، فنقول : أما الترك ، فلا يتوجه إلى فاعله ، كما عرف في علم النحو ، وإنما يتوجه إلى نفس الفعل ، أو إلى غير الفاعل ، لكنه لا يتضح اتضاحا ظاهرا ، إلّا في المفعول به كما ستقف عليه.
ترك الفعل :
أما الحالة المقتضية لترك الفعل ، فهي أن تغني قرائن الأحوال عن ذكره ، ويكون المطلوب هو : الاختصار ، أو اتباع الاستعمال الوارد على تركه ، كما إذا أردت ضرب المثل بقولهم : لا حظية فلا ألية (١) ، أو بقولهم : لو ذات سوار لطمتني (٢) ، أو غير ذلك مما هو مصبوب في هذا القالب ، أو على ترك نظائره ، كما إذا قلت : إن زيد جاء ، ولو عمرو ذهب ، وتلك القرائن كثيرة ، وأنا أضبط لك منها ههنا ما تستعين به على درك ما عسى يشذ عن الضبط ، فأقول ، والله الموفق للصواب :
منها : أن يكون مفسرا ، كنحو :
__________________
(١) المثل من لسان العرب مادة (ألو) قال : ألا يألوا ألوا وأليّا وإليا وألّى يؤلّى تألية. وأتلى : قصّر وأبطأ ...
والاسم : الأليّة ، ومنه المثل : إلا حظية فلا أليّة ؛ أى إن لم أحظ فلا أزال أطلب ذلك وأتعمل وأجهد نفسى فيه ، وأصله في المرأة تصلف عند زوجها ، تقول : إن أخطأتك الحظوة فيما تطلب فلا تأل أن تتودد إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد. لسان العرب. (ألو) ولطائف التبيان للطيبى ، بتحقيقى ص (٦٨).
(٢) ذكره الطيبى في التبيان وفي اللطائف بتحقيقى ص ٦٨ كذلك. والمثل في المستقصى (٢ / ٢٩٧) ولسان العرب (لطم). أى لو لطمتنى حرة ذات حلى لاحتملت ، ولكنى لطمتنى أمة عاطل ، قالته امرأة لطمتها من ليست بكفء لها ، يضرب لكريم يظلمه دنىء فلا يقدر على احتمال ظلمه ؛ وهو في الفاضل للمبرد (٤١ ـ ٤٢).