مقصودا إليه في الذكر ، غير مستغنى عنه ، بخلافه في التركيب الآخر ؛ فإن لفظ القرآن فيه يعد فضلة ، والتقريب ظاهر.
ومنها : أن الكلام ، متى سلك به هذا المسلك ، لم يكن أوله مطمعا في ذكر الكاتب ، فإذا أورد السامع فائدة ذكره ، كانت حاله كمن تيسر له غنيمة من حيث لا يحتسب ، بخلافه في النظم ؛ [الآخر](١).
ومنها : أن الكلام على ذلك النظم يكون كالمتناقض من حيث الظاهر ، لأن كون القرآن مفعولا فضلة فيه ، يكون مؤذنا بأن مساس الحاجة إليه دون مساس الحاجة إلى الفاعل ، وكونه مقدما [على الفاعل](٢) يكون مؤذنا بالاعتناء بشأنه ، وأن مساس الحاجة إليه فوق مساس الحاجة إلى ما أخر ، بخلافه في هذا النظم ، فإنه يكون سليما عن ذلك ، وفي هذا الوجه نظر يذكر في الحواشي.
ومنها أن الكلام في التركيب الذي نحن فيه يفيد استناد الكتبة إلى الفاعل إجمالا أولا ، وتفصيلا ثانيا ، وفي غيره يفيد استنادها إليه من وجه واحد ، فيكون هذا التركيب أبلغ ؛ ومن قبيل ما نحن بصدده : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ)(٣) ف (لِلَّهِ شُرَكاءَ) هما : مفعولا" جعلوا" وانتصاب الجن بفعل مضمر دل عليه السؤال المقدر ، وهو : من جعلوا شركاء؟
إثبات الفعل :
وأما الحالة المقتضية لإثبات الفعل ، فاشتمال المقام على جهة من جهات الاستدعاء له ، والتلفظ به ، مما نبهت على أمثالها غير مرة.
__________________
(١) من (غ).
(٢) في (غ) (فيه).
(٣) سورة الأنعام الآية ١٠٠.