حرشته (١)؟ شاهد صدق على ما ذكر عند من له ذوق ، وليس إذا قلت : سعيت في حاجتك ، أو سعيت أنا في حاجتك ، يجب أن يكون أن عند السامع وجود سعي في حاجته ، قد وقع خطأ منه في موجده أو تفصيله ، فتقصد إزالة الخطأ ، بل إذا قلته ابتداء مفيدا أن وجود السعي في حاجته منك غير مشوب بتجوز أو سهو أو نسيان ، صح ، ومنه ما يحكيه ، علت كلمته ، عن قوم شعيب : (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ)(٢) أي العزيز علينا يا شعيب رهطك لا أنت ، لكونهم من أهل ديننا ، ولذلكم قال ، عليهالسلام في جوابهم : (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ)(٣) أي من نبي الله ، ولو أنهم كانوا قالوا : وما عززت علينا ، لم يصح هذا الجواب ولا طابق ، ولذلك ينهى أن يقال في النفي عند التقديم : ما أنا سعيت في حاجتك ولا أحد سواي ، لاستلزام أن يكون سعى في حاجته غيرك لا أنت ، وأن لا يكون سعى في حاجته غيرك لا أنت ، ولا ينهى أن يقال : ما سعيت في حاجتك ، ولا أحد غيري ، وكذلك إذا أكدت فقلت : ما سعيت أنا في حاجتك ولا أحد غيري.
ولذلك أيضا يستهجن أن يقال في النفي عند التقديم : ما أنا رأيت أحدا من الناس ، لاستلزام أن يكون قد اعتقد فيك معتقد أنك رأيت أحدا من الناس ، أو ما رأيت أنا أحدا من الناس ، ويحترز عن أن يقال عند التقديم : ما أنا ضربت إلا زيدا ؛ لأن نقض النفي بإلّا يقتضي أن تكون ضربت زيدا ، وتقديمك ضميرك وإيلاؤه حرف النفي يقتضي أن تكون ضربته ، ولا يحترز أن يقال : ما ضربت إلّا زيدا ، وما ضربت أنا إلّا زيدا.
__________________
(١) المثل في لسان العرب (حرش) ، وحرش الضب واحترشه : أتى قفا جحره فقعقع بعصاه عليه وأتلج طرفها في جحره فإذا سمع الصوت حسبه دابة تريد أن تدخل عليه فجاء يزحل على رجليه وعجزه مقاتلا ويضرب بذنبه فناهزه الرجل ، فلم يقدر أن يفلت منه.
(٢) سورة هود ، الآية ٩١.
(٢) سورة هود ، الآية ٩١.