للمحافظة على الفاصلة.
ولنقتصر من الأمثلة على ما ذكر ، فما كان الغرض إلا مجرد التنبيه دون التتبع لنظائرها في القرآن ، وتفصيل القول فيها ، خاتمين الكلام بأن جميع ما وعت أذناك من التفاصيل في هذه الأنواع الثلاثة من فصل : التقديم والتأخير ، هو مقتضى الظاهر فيها ، وقد عرفت ، فيما سبق ، أن إخراج الكلام ، لا على مقتضى الظاهر ، طريق البلغاء ، يسلك [كثيرا بتنزيل](١) نوع مكان نوع ، باعتبار من الاعتبارات ، فليكن على ذكر منك.
تقييد الفعل :
وأما الحالات المقتضية لتقييد الفعل بالشروط المختلفة : (كان) و (إن) (ما) و (إذا) و (إذا ما) و (إذما) و (متى) و (متى ما) و (أين) و (أينما) و (حيثما) و (من) و (ما) و (مهما) و (أي) و (أنّى) و (لو) ، فالذي يكشف عنها القناع وقوفك على ما بين هذه الكلم من التفاصيل.
أما (إن) فهي للشرط في الاستقبال ، والأصل فيها الخلو عن الجزم بوقوع الشرط ، كما يقول القائل : إن تكرمني أكرمك ، وهو لا يعلم أتكرمه أم لا ، فإذا استعملت في مقام الجزم ، لم تخل عن نكتة : وهي إما التجاهل لاستدعاء المقام إياه ، وإما أن المخاطب ليس بجازم ، كما تقول لمن يكذبك فيما أنت تخبره : إن صدقت فقل لي ما ذا تعمل وإما تنزيل المخاطب منزلة الجاهل لعدم جريه على موجب العلم ، كما يقول الأب لابن لا يراعي حقه : افعل ما شئت إني إن لم أكن لك أبا كيف تراعى حقي؟ ولامتناع الجزم بتحقق المعلق بما في تحققه شبهة ، قلما يترك المضارع في بليغ الكلام إلى الماضي المؤذن بالتحقق نظرا إلى لفظه لغير نكتة ، مثل ما ترى في قوله ، علت كلمته : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)(٢)
__________________
(١) من (غ) وفي (ط) ، (د): (كثير تنزيل).
(٢) سورة الممتحنة الآية ٢.