وأما كلمة (لو) فحين كانت لتعليق ما امتنع بامتناع غيره على سبيل القطع ، كما تقول : لو جئتني لأكرمتك ، معلقا لامتناع إكرامك بما امتنع من مجيء مخاطبك ، امتنعت جملتاها عن الثبوت ، ولزم أن يكونا فعليتين ، والفعل ماض ، واستلزم في مثل قوله ، عز اسمه : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)(١) ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٢) ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٣) تنزيل المستقبل نظما له في سلك المقطوع به ، لصدوره عمن لا خلاف في إخباره ، منزلة الماضي المعلوم ، في قولك : لو رأيت على نحو تنزيل" يود" منزلة" ود" في قوله تعالى (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٤) في أحد قولي أصحابنا البصريين ، رحمهمالله ، واستلزم في مثل قولك : لو تحسن إلي لشكرت ، القصد ب (تحسن إلى) تصوير أن إحسانه مستمر الامتناع فيما مضى وقتا فوقتا ، على نحو قصد الاستمرار حالا فحالا ، (يستهزئ) في قوله عز اسمه : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(٥) بعد قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)(٦) وب (يكسبون) في قوله : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(٧) وقوله (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)(٨) وارد على هذا : أي يمنع ، عليهالسلام ، عنتكم باستمرار امتناعه عن طاعتكم ، ولك أن ترد الغرض من لفظ (ترى) ، و (يود) ،
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ٢٧.
(٢) سورة السجدة الآية ١٢.
(٣) سورة سبأ الآية ٣١.
(٤) سورة الحجر ، الآية ٢.
(٥) سورة البقرة الآية ١٥.
(٦) سورة البقرة الآية ١٤.
(٧) سورة البقرة الآية ٧٩.
(٨) سورة الحجرات الآية ٧.