بعدهما ، أو لا تنص إليه صورة الأرض [تليها](١) بعدهن ، لا ، وإنما الحضري حيث لم تتآخذ عنده تلك الأمور ، وما جمع خياله تلك الصور على ذلك الوجه ، إذا تلا الآية قبل أن يقف على ما ذكرت ، ظن النسق بجهله معيبا ، للعيب فيه.
التوسط :
وأما الحالة المقتضية للتوسط بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع فهي : إن اختلفا خبرا وطلبا أن يكون المقام مشتملا على ما يزيل الاختلاف ، من تضمين الخبر معنى الطلب ، أو الطلب معنى الخبر ، ومشركا بينهما في جهات جامعة مما تليت عليك على نحو قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا)(٢) إذ لا يخفى أن قوله : " لا تعبدون" مضمن معنى لا تعبدوا. وقوله : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ* هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ* سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ* وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)(٣) فإن المقام مشتمل على تضمين (" إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ") معنى الطلب ، بيان ذلك أن الذي قبله من قوله : (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)(٤) كلام وقت الحشر من غير شبهة لوروده معطوفا بالفاء على قوله : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٥). وعام لجميع الخلق لعموم قوله : (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) وأن الخطاب الوارد بعده على سبيل الالتفات في
__________________
(١) في (د) (تليلها).
(٢) سورة البقرة ، الآية ٨٣.
(٣) سورة يس ، الآية ٥٥ ـ ٥٩.
(٤) سورة يس الآية ٥٤.
(٥) سورة يس ، الآية ٥٣.