أَلا تَأْكُلُونَ* فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ)(١) قدر مع قوله : (" فَقالُوا سَلاماً") ماذا قال إبراهيم وقت السّلام ؛ ومع قوله (" فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ") ما ذا قال وقت التقريب؟ ومع قوله (" فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً") ما ذا قالوا حين رأوا منه ذلك؟ وسلوك هذا الأسلوب في القرآن كثير.
البدل :
ومن أمثلة البدل قوله (٢) :
أقول له : ارحل لا تقيمنّ عندنا ... |
|
وإلا فكن في السّر والجهر مسلما |
فصل" لا تقيمن" عن" ارحل" لقصد البدل ؛ لأن المقصود من كلامه هذا كمال إظهار الكراهة لإقامته ، بسبب خلاف سره العلن ؛ وقوله : " لا تقيمن عندنا" أوفى بتأدية هذا المقصود من قوله : " ارحل" ؛ لدلالة ذاك عليه بالتضمن مع التجرد عن التأكيد ، ودلالة هذا عليه بالمطابقة مع التأكيد ، وكذلك قوله تعالى (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ* قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)(٣) فصل : (قالُوا أَإِذا مِتْنا) عن (" قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ") لقصد البدل.
ولك أن تحمله على الاستئناف لما في قوله : (" مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ") من الإجمال المحرك للسامع أن يسأل ، ماذا قالوه؟ وكذلك قوله : (أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)(٤) الفصل فيه للبدل ، ويحتمل الاستئناف ، وكذلك قوله :
__________________
(١) سورة الذاريات الآيات : ٢٤ ـ ٢٨.
(٢) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص (٦١) ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (١٢٣) ، والطيبى في شرحه على مشكاة المصابيح بتحقيقى (١ / ٨٧).
(٣) سورة المؤمنون الآيتان : ٨١ ـ ٨٢.
(٤) سورة الشعراء الآيات : ١٣٢ ـ ١٣٤.