الحال :
وإذا لخصنا الكلام في الفصل والوصل إلى هذا الحد ، فبالحري أن نلحق به الكلام في الحال التي تكون جملة ؛ لمجيئها تارة مع الواو ، وأخرى لا معها ، فنقول ، وبالله التوفيق.
تمهيد :
الكلام في ذلك مستدع تمهيد قاعدة وهي : أن الحال نوعان : حال بالإطلاق ، وحال تسمى : مؤكدة. ولكل واحد من النوعين أصل في الكلام ، ولهما معا نهج في الاستعمال واحد.
فأصل النوع الثاني ، أن يكون وصفا ثابتا ، نحو : هو الحق بينا ، وزيد أبوك شفيقا ، وذاك حاتم سخيا جوادا ، وهذا خالد بطلا شجاعا ، وفي التنزيل : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(١).
وأصل النوع الأول : هو أن يكون وصفا غير ثابت من الصفات الجارية : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، نحو : جاء زيد راكبا ، وسلم على قاعدا ، وضربت اللص مكتوفا ، وقتلته مقيدا ، ويمتنع أن يقال : جاء زيد طويلا ، أو قصيرا أو أسود أو أبيض ، اللهم إلا بتأويل ، كما تسمع أئمة النحو يتلون عليك جميع ما ذكرت.
ونهجهما في الاستعمال : أن يأتيا عاريين عن حرف النفي ، كما يقال : هو الحق بينا دون لا خفيّا ، وجاء زيد راكبا دون لا ماشيا ، أو ماشيا دون لا راكبا.
وحق النوعين أن لا يدخلهما الواو ، نظرا إلى إعرابهما الذي ليس بتبع ؛ لأن هذه الواو ، وإن كنا نسميها واو الحال ، أصلها العطف ؛ ونظرا إلى أن حكم الحال مع ذي الحال أبدا ، نظير حكم المخبر مع المخبر عنه ، ألا تراك إذا ألغيت : " هو" في قولك : هو الحق بينا ، بقي : (الحق بين) و (جاء) في قولك : (جاء) زيد راكبا ، بقي (زيد راكب) ،
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٢.