و (ضربت) ، في قولك : (ضربت) اللص مكتوفا ، بقي : (اللص مكتوف) وكذا الباب فتجد الحال وذا الحال خبرا ومخبرا عنه ، والخبر ليس موضعا لدخول الواو ، على ما سبق تقرير هذا الباب ، والتحقيق فيه ، هو أن الإعراب لا ينتظم الكلمات ، كقولك : ضرب زيد اللص مكتوفا ، إلا بعد أن يكون هناك تعلق ينتظم معانيها.
فإذا وجدت الإعراب في موضع قد تناول شيئا بدون الواو ؛ كان ذلك دليلا على تعلق هناك معنوي ، فذلك التعلق يكون مغنيا عن تكلف تعلق آخر.
وإذا عرفت هذا ، ظهر لك أن الأصل في الجملة ، إذا وقعت موقع الحال ، أن لا يدخلها الواو ، لكن النظر إليها من حيث كونها جملة مفيدة مستقلة بفائدة غير متحدة بالأولى اتحادها إذا كانت مؤكدة ، مثلها في قولك : هو الحق لا شبهة فيه ، وفي قوله عز قائلا : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ)(١) وغير منقطعة عنها ، كجهات جامعة بينهما ، كما ترى في نحو : جاء زيد تقاد الجنائب بين يديه ، ولقيت عمرا سيفه على كتفه ، يبسط العذر في أن يدخلها واو للجمع بينها وبين الأولى ، مثله في نحو : قام زيد وقعد عمرو.
أصل الحال :
وإذا تمهد هذا فنقول : الضابط فيما نحن بصدده هو : أن الجملة متى كانت واردة على أصل الحال ، وذلك أن تكون فعلية لا اسمية ؛ لأن الاسمية ، كما تعلم ، دالة على الثبوت ، وعلى نهجها أيضا بأن تكون مثبتة ، فالوجه ترك الواو ؛ جريا على موجب الحال ، نحو : جاءني زيد يسرع ، أو يتكلم ، أو يعدو فرسه ، ولذلك لا تكاد تسمع نحو : جاءني زيد ويسرع.
ومتى لم تكن واردة على أصل الحال ، وذلك أن تكون اسمية في الحال غير المؤكدة ، فالوجه الواو نحو : جاءني زيد وعمرو أمامه. ورأيت زيدا وهو قاعد ؛ ما جاء بخلاف هذا إلا صور معدودة ألحقت بالنوادر ، وهي : كلمته فوه إلى في ، ورجع عودة على
__________________
(١) سورة البقرة ، الآيتان : ١ ـ ٢.