رأيته على كتفه سيف ، بدون الواو تارة ، ورأيته وعلى كتفه سيف ، بالواو أخرى ، هذا ؛ ثم من عرف السبب في تقديم الحال ، إذا أريد إيقاعها عن النكرة ، تنبه بجواز إيقاعها عن النكرة مع الواو ، في مثل : جاءني رجل وعلى كتفه سيف ، ولمزيد جوازه في قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(١) على ما قدمت ، وتنبه لوجوب الواو في نحو : جاءني رجل وعلى كتفه سيف ، عند إرادة الحال ، ولوجوب تركه فيه عند إرادة الوصف ، لامتناع عطف الصفة على موصوفها البتة ، فتأمل.
وأما (ليس) فلما قام مع خبره مقام الفعل المنفي جاء كثيرا : أتاني وليس معه غيره ، وأتاني ليس معه غيره ، قال (٢) :
إذا جرى في كفّه الرشاء ... |
|
خلى القليب ليس فيه ماء |
إلا أن ذكر الواو أرجح ، ووقوعه في الكلام أدور.
الإيجاز والإطناب :
وأما الحالات المقتضية لطي الجمل عن الكلام إيجازا ، ولا طيها إطنابا ، فمن أحاط علما بما قد سبق ، استغنى بذلك عن بسط الكلام ههنا ، فلنقتصر على بيان معنى الإيجاز والإطناب ، وعلى إيراد عدة أمثلة في الجانبين.
أما الإيجاز والإطناب فلكونهما نسبيين ، لا يتيسر الكلام فيهما إلا بترك التحقيق والبناء على شيء عرفي ، مثل جعل كلام الأوساط على مجرى متعارفهم في التأدية للمعاني فيما بينهم ، ولا بد من الاعتراف بذلك مقيسا عليه ، ولنسمه : متعارف الأوساط ، وأنه في باب البلاغة لا يحمد منهم ولا يذم.
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ٤.
(٢) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص (٧٢) ولا يعرف قائله وهو في : شرح عقود الجمان (١ / ٢٢٣) ، وارتشاف الضرب (٢ / ٣٦٧) وعمدة الحافظ (٣٤٥).