تعريف :
فالإيجاز : هو أداء المقصود من الكلام بأقل من عبارات متعارف الأوساط.
والإطناب : هو أداؤه بأكثر من عباراتهم ، سواء كانت القلة أو الكثرة راجعة إلى الجمل ، أو إلى غير الجمل. هذا وقد تليت عليك ، فيما سبق ، طرق الاختصار والتطويل ، فلئن فهمتها لتعرفن الوجازة متفاوتة بين : وجيز وأوجز ، بمراتب لا تكاد تنحصر ، والإطناب كذلك. وعرفت من ذلك معنى قول القائل في وصف البلغاء (١) :
يرمون بالخطب الطّوال ، وتارة ... |
|
وحي الملاحظ ، خيفة الرقباء |
وذكرت أيضا للاختصار والتطويل مقامات قد أرشدت بها إلى مناسباتها ، فما صادف من ذلك موقعه حمد والإ ذم ، وسمي الإيجاز إذ ذاك : عيّا وتقصيرا ، والإطناب :
إكثارا وتطويلا.
الإيجاز :
والعلم في الإيجاز قوله ، علت كلمته : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٢) وإصابته المحز ، بفضله على ما كان عندهم ، وأوجز كلام في هذا المعنى ، وذلك قولهم : القتل أنفى للقتل ، ومن الإيجاز قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(٣) ذهابا إلى أن المعنى : هدى للضالين الصائرين إلى التقوى بعد الضلال ، لما أن الهدى : أي الهداية إنما تكون للضال لا للمهتدي.
ووجه حسنه قصد المجاز المستفيض نوعه ، وهو وصف الشيء بما يؤول إليه ،
__________________
(١) أورده الطيبى في التبيان (١ / ٢٢٨) وعزاه للجاحظ.
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٩.
(٣) سورة البقرة الآية ٢.