المستثنى منه ، لكون (إلا) للإخراج ، واستدعاء الإخراج مخرجا منه.
وثانيها : العموم في المستثنى منه ؛ لعدم المخصص ، وامتناع ترجيح أحد المتساويين ، لذلك ترانا في علم النحو نقول : تأنيث الضمير في كانت ، في قراءة أبي جعفر المدني : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً)(١) بالرفع وفي (ترى) المبني للمفعول في قراءة الحسن : فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم (٢) برفع مساكنهم وفي (بقيت) ، في بيت ذي الرمة (٣) :
وما بقيت إلا الضّلوع الجراشع
للنظر إلى ظاهر اللفظ ، والأصل التذكير لاقتضاء المقام معنى شيء من الأشياء.
وثالثها : مناسبة المستثنى منه للمستثنى في جنسه ووصفه ، وأعني بصفته كونه : فاعلا أو مفعولا ، أو ذا حال أو حالا ، أو ما يرى كيف يقدر المستثنى منه في نحو : ما جاءني إلا زيد ، مناسبا له في الجنس والوصف الذي ذكرت ، نحو : ما جاءني أحد إلا زيد ، وفي : ما رأيت إلا زيدا ، نحو : ما رأيت أحدا إلا زيدا ، وفي ما جاء زيد إلّا راكبا ، نحو ما جاء زيد كائنا على حال من الأحوال إلا راكبا. وهذه المستلزمات توجب جميع تلك الأحكام.
بيان ذلك أنك إذا قلت : ما ضرب زيد إلا عمرا ، لزم أن يقدر قبل : (إلا) ، مستثنى منه ليصح الإخراج منه ، ولزم أن يقدر عاما ، لعدم المخصص ، ولزم أن يقدر مناسبا للمستثنى الذي هو عمرو في جنسه ووصفه ، وحينئذ يمتنع أن يكون صورة الكلام إلا
__________________
(١) سورة يس الآية ٢٩ ، ٥٣.
(٢) سورة الأحقاف الآية ٢٥. وقرأ عاصم وحمزة (يرى) بياء مضمومة و (مساكنهم) بالرفع ، وقرأ الباقون (ترى) بتاء مفتوحة و (مساكنهم) بالنصب. وانظر اختلاف الإعراب في القراءات السبع د / موسى مصطفى العبيدان ص ٨٦ ، ٨٧.
(٣) أورده القزوينى في الإيضاح ص (٢٢٤) وعزاه لذى الرمة. وصدره طوى النخز والأجراز ما في غروضها.