خاتمة
واعلم أني مهدت لك في هذا العلم قواعد ، متى بنيت عليها ، أعجب كل شاهد بناؤها ، واعترف لك بكمال الحذق في صناعة البلاغة أبناؤها ، ونهجت لك مناهج ، متى سلكتها ، أخذت بك عن المجهل المتعسف إلى سواء السبيل ، وصرفتك عن الآجن المطروق إلى النمير الذي هو شفاء الغليل ، ونصبت لك أعلاما ، متى انتحيتها أعثرتك على ضوال منشودة ، وحشدت منها ما ليست عند أحد بمحشودة ، ومثلت لك أمثلة متى حذوت عليها ، أمنت العثار في مظان الزلل ، وأبت أن تتصرف فيما تثني إليه عنانك يد الخطل ، ثم إذا كنت ممن ملك الذوق إلى الطبع ، وتصفحت كلام رب العزة ، أطلعتك على ما يوردك هناك موارد الهزة ، وكشفت لنور بصيرتك عن وجه إعجازه القناع ، وفصلت لك ما أجمله إيثار أولئك المصاقع على معارضته القراع ، فإن ملاك الأمر في علم المعاني هو الذوق السليم ، والطبع المستقيم ، فمن لم يرزقهما ، فعليه بعلوم أخر ، وإلا لم يحظ بطائل مما تقدم وما تأخر.
إذا لم تكن للمرء عين صحيحة ... |
|
فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر (١) |
هذا وإن الخبر ، كثيرا ما يخرج لا على مقتضى الظاهر ، ويكون المراد به الطلب ، فسيذكر ذلك في آخر القانون الثاني بإذن الله تعالى.
__________________
(١) البيت من الطويل ولم أعثر عليه