القانون الثاني
من علم المعاني وهو قانون الطلب
مقدمة :
قد سبق أن حقيقة الطلب حقيقة معلومة مستغنية عن التحديد ، فلا نتكلم هناك ، وإنما نتكلم في مقدمة يسند عليها المقام ، من بيان ما لا بد للطلب ، ومن تنوعه ، والتنبيه على أبوابه في الكلام ، وكيفية توليدها لما سوى أصلها.
وهي : أن لا ارتياب في أن الطلب من غير تصور إجمالا أو تفصيلا لا يصح ، وأنه يستدعي مطلوبا لا محالة ، ويستدعي ، فيما هو مطلوبه أن لا يكون حاصلا وقت الطلب ، وليكن هذا المعنى عندك ، فسنفرع عليه.
والطلب إذا تأملت نوعان : نوع لا يستدعي في مطلوبه إمكان الحصول ، وقولنا : لا يستدعي أن يمكن أعم من قولنا : يستدعي أن لا يمكن.
ونوع يستدعي فيه إمكان الحصول.
والمطلوب بالنظر إلى أن لا واسطة بين الثبوت والانتفاء ، يستلزم انحصاره في قسمين : حصول ثبوت متصور ، وحصول انتفاء متصور ، وبالنظر إلى كون الحصول ذهنيا وخارجيا ، يستلزم انقساما إلى أربعة أقسام : حصولين في الذهن ، وحصولين في الخارج ، ثم إذ لم يزد الحصول في الذهن على التصور والتصديق ، لم يتجاوز أقسام المطلوب ستة : حصول تصور أو تصديق في الذهن ، وحصول انتفاء تصور أو تصديق فيه ، وحصول ثبوت تصور أو انتفائه في الخارج ، وطلب حصول التصور في الذهن ، لا يرجع إلا إلى تفصيل مجمل ، أو تفصيل مفصل بالنسبة.
ووجه ذلك : أن الإنسان إذا صح منه الطلب بأن أدرك بالإجمال لشيء ما ، أو بالتفصيل بالنسبة إلى شيء ما ، ثم طلب حصولا لذلك في الذهن ، وامتنع تطلب الحاصل ، توجه إلى غير حاصل ، وهو تفصيل المجمل أو تفصيل المفصل بالنسبة.