النوع الأول :
أما النوع الأول من الطلب : فهو التمني ، أو ما ترى كيف تقول ، ليت زيدا جاءني ، فتطلب كون غير الواقع فيما مضى واقعا فيه ، مع حكم العقل بامتناعه ، أو كيف تقول : ليت الشباب يعود ، فتطلب عود الشباب ، مع جزمك بأنه لا يعود ، أو كيف تقول : ليت زيدا يأتيني ، أو ليتك تحدثني ، فتطلب إتيان زيد وحديث صاحبك في حال لا تتوقعهما ولا لك طماعية في وقوعهما ، إذ لو توقعت أو طمعت لاستعملت : لعل أو عسى.
النوع الثاني :
وأما الاستفهام والأمر والنهي والنداء فمن النوع الثاني.
والاستفهام لطلب حصول في الذهن ، والمطلوب حصوله في الذهن ، إما أن يكون حكما بشيء على شيء أو لا يكون.
والأول هو التصديق ، ويمتنع انفكاكه من تصور الطرفين ، والثاني هو التصور ، ولا يمتنع انفكاكه من التصديق ، ثم المحكوم به ، إما أن يكون نفس الثبوت أو الانتفاء ، كما تقول : الانطلاق ثابت أو متحقق ، أو موجود كيف شئت أو : ما الانطلاق ثابتا ، فتحكم على الانطلاق بالثبوت أو الانتفاء بالإطلاق ، أو ثبوت كذا أو انتفاء كذا بالتقييد ، كما تقول : الانطلاق قريب ، أو ليس بقريب ، فتحكم على الانطلاق أو بثبوت القرب له أو بانتفائه عنه ، لا مزيد للتصديق على هذين النوعين ، والنوع الأول لا يحتمل الطلب إلا في التصديق ، والمسند إليه لكون المسند فيه نفس الثبوت والانتفاء ، مستغنيا عن الطلب. والثاني يحتمله في التصديق وطرفيه.
وأما الأمر ، لا النهي والنداء ، فلطلب الحصول في الخارج ، إما حصول انتفاء متصور ، كقولك في النهي للمتحرك : لا تتحرك ، فإنك تطلب بهذا الكلام انتفاء الحركة في الخارج ، وإما حصول ثبوته ، كقولك في الأمر : قم ، وفي النداء : يا زيد ، فإنك تطلب بهذين الكلامين حصول قيام صاحبك وإقباله عليك في الخارج ، والفرق بين الطلب في الاستفهام وبين الطلب في الأمر والنهي والنداء واضح ، فإنك في الاستفهام تطلب ما هو في الخارج ؛ ليحصل في ذهنك نقش له مطابق ، وفيما سواه