الفصل الأول
علم الصرف (١)
اعلم أن علم الصرف هو تتبع اعتبارات الواضع في وضعه من جهة المناسبات والأقيسة. ونعني بالاعتبارات ، وافرضها إلى أن تتحقق ، أنه أولا جنس المعاني؟ ، ثم قصد لجنس جنس منها ، معينا بإزاء كل من ذلك طائفة طائفة من الحروف. ثم قصد لتنويع الأجناس شيئا فشيئا متصرفا في تلك الطوائف بالتقديم والتأخير والزيادة فيها بعد ، أو النقصان منها مما هو كاللازم للتنويع وتكثير الأمثلة ، ومن التبديل لبعض تلك الحروف لغيره لعارض ، وهكذا عند تركيب تلك الحروف من قصد هيئة ابتداء ، ثم من تغيرها شيئا فشيئا. ولعلك تستبعد هذه الاعتبارات ، إذ ليس طريق معرفتها عندك. لكن لا يخفى عليك أن وضع اللغة ليس إلا تحصيل أشياء منتشرة تحت الضبط ، فإذا أمعنت (٢) فيه النظر وجدت شأن الواضع (٣) أقرب شيء من شأن المستوفي الحاذق ، وإنك لتعلم ما يصنع في باب الضبط ، فيزل عنك الاستبعاد (٤) ، ثم إنك ستقف على جلية الأمر فيه مما يتلى عليك عن قريب.
__________________
(١) علم الصرف ويسمى بعلم التصريف أيضا (كما في كشاف اصطلاحات الفنون ص ٨٣٧) يعرفه ابن الحاجب بأنه علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التى ليست بإعراب شرح الشافية ١ / ١ ، ويشرح الاستراباذي هذا بقوله : اعلم أن التصريف على ما حكى سيبويه عنهم هو أن تبني من الكلمة بناء لم تبنه العرب على وزن ما بنته ثم تعمل في البناء الذى بنيته ما يقتضيه قياس كلامهم ، ... ، والمتأخرون على أن التصريف علم بأبنية الكلمة ، وبما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وحذف وصحة وإعلال وإدغام وإمالة ، وبما يعرض لآخرها مما ليس بإعراب ولا بناء من الوقف وغير ذلك شرح الشافية ج ١ / ص ٢ ويعرف ابن هشام التصريف بقوله : هو تغير في بنية الكلمه لغرض معنوى أو لفظي فالأول : كتغير قول المفرد إلى التثنية والجمع وتغير المصدر إلى الفعل والوصف. والثاني : كتغير () قول وغزو إلى قال وغزا. ولهذين التغيرين أحكام الصحة والإعلال ، وتسمى تلك الأحكام : علم التصريف أوضح المسالك ص ٢٩٠ ط مكتبة الآداب.
(٢) كذا في (د) ، في (غ) ، وفي (ط) الواقع
(٣) في (د) : أنعمت ، وفي باقي النسخ أمعنت. (٣) في (ط) : الاستعباد : (والصواب ما أثبتناه من (د) ، (ع)
(٤) كذا في (ذ) في (غ) وفي (ط) الواقع