التشبيه بالخمر في المذوقات ، وكالجلد الناعم عند التشبيه بالحرير في الملموسات. وإما ما يستند إلى الخيال : كالشقيق عند التشبيه بأعلام ياقوت منشرة على رماح من الزبرجد ، فهو في قرن الحسيات ملزوز (١) ، تقليلا للاعتبار ، وتسهيلا على المتعاطي.
وإما أن يكونا مستندين إلى العقل : كالعلم إذا شبه بالحياة ، وإما أن يكون المشبه معقولا ، والمشبه به محسوسا : كالعدل إذا شبه بالقسطاس ، وكالمنية إذا شبهت بالسبع :
وكحال من الأحوال إذا شبهت بناطق أو بالعكس من ذلك : كالعطر إذا شبه بخلق كريم.
وأما الوهميات المحضة كما إذا قدرنا صورة وهمية محضة مع المنية مثلا ، ثم شبهناها بالمخلب أو بالناب المحققين ، فقلنا : افترست المنية فلانا ، بشيء هو لها شبيه بالمخلب أو بشيء هو لها شبيه بالناب ، أو مع الحال ، ثم شبهناها باللسان ، فقلنا : نطقت الحال بشيء هو لها شبيه باللسان ، فملحقة بالعقليات ، وكذا الوجدانيات ، كاللذة والألم ، والشبع والجوع ؛ فاعرفه.
وجه التشبيه :
النوع الثاني : النظر في وجه التشبيه. لما انحصر التشبيه بين أن يكون الاشتراك بالحقيقة ، والافتراق بالصفة تارة ، مثل جسمين : أبيض وأسود ، وكذا مثل أنف ومرسن (٢) ، فهما مشتركان في الحقيقة ، وهو العضو المعلوم ، وإنما يفترقان : باتصاف أحدهما بالاختصاص بالإنسان ، واتصاف الآخر بالاختصاص بالمرسونات ، وما جرى مجراهما ، من نحو شفة وجحفلة ، ورجل وحافر ، وبين أن يكون الاشتراك بالصفة تارة ، والافتراق بالحقيقة أخرى ، مثل : طويلين جسم وخط ، والوصف حين انحصر بين أن يكون مستندا إلى الحس : كالكيفيات الجسمانية ، مثل : الاتصاف بما يدرك بالبصر من الألوان والأشكال ، والمقادير والحركات ، وما يتصل بها من الحسن والقبح ، وغير ذلك ،
__________________
(١) ملزوز : مقرون ، من لز الشىء بالشىء : ألزمه إياه.
(٢) المرسن : الأنف : وجمعه مراسن.