أو بما يدرك بالسمع من الأصوات الضعيفة أو القوية ، أو التي بين بين ، أو بما يدرك بالذوق من أنواع الطعوم ، أو بما يدرك بالشم من أنواع الروائح ، أو بما يدرك باللمس من الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، والخشونة والملاسة ، واللين والصلابة ، ومن الخفة والثقل ، وما ينضاف إليها ؛ وبين أن يكون مستندا إلى العقل.
والعقلي أيضا لما انحصر بين حقيقي : كالكيفيات النفسانية ، مثل الاتصاف بالذكاء والتيقظ والمعرفة ، والعلم ، والقدرة ، والكرم ، والسخاء ، والحلم ، والغضب ، وما جرى مجراها من الغرائز والأخلاق ، وبين اعتباري ونسبي : كاتصاف الشيء بكونه مطلوب الوجود أو العدم عند النفس ، أو بكونه مطموعا فيه ، أو بعيدا عن الطمع ، أو بشيء تصوري وهمي محض.
ومن المعلوم عندك أن الحقائق منقسمة إلى : بسائط وذوات أجزاء مختلفة ، وأن في الصفات ما مرجعها أمر واحد ، وما مرجعها أكثر ، ظهر لك ، مما ذكر ، أن وجه التشبيه يحتمل أن يتفاوت فنقول ، وبالله التوفيق :
وجه التشبيه واحدا :
وجه التشبيه :
إما أن يكون أمرا واحدا أو غير واحد ، وغير الواحد ، إما أن يكون في حكم الواحد لكونه : إما حقيقة ملتئمة ، وإما أوصافا مقصودا من مجموعها إلى هيئة واحدة ، أو لا يكون في حكم الواحد ، فهذه أقسام ثلاثة :
أما الأول : فإما أن يكون : حسيا أو عقليا. ولا بد للحسي من أن يكون طرفاه حسيين لامتناع إدراك الحس من غير المحسوس ، جهة دون العقلي ، فإنه يعم أنواع الطرفين الأربعة المذكورة لصحة إدراك العقل من المحسوس جهة. ولذلك تسمع علماء هذا الفن ، رضوان الله عليهم أجمعين ، يقولون : التشبيه بالوجه العقلى أعم من التشبيه بالوجه الحسي ، فالحسي : كالخد إذا شبه بالورد في الحمرة ، وكالصوت الضعيف إذا شبه بالهمس في الخفاء ، وكالنكهة إذا شبهت بالعنبر في طيب الرائحة ، وكالريق إذا شبه بالخمر في لذة الطعم ، على زعم القوم ، وكالجلد الناعم إذا شبه بالحرير في لين المس.