إياهما ، أو كالنجوم إذا شبهت بالسنن في عدم الخفاء ، فيما المشبه محسوس ، والمشبه به معقول ، وفي أكثر هذه الأمثلة في معنى وحدتها تسامح ، فاعرف.
وجه التشبيه غير واحد :
وأما القسم الثاني وهو أن يكون : وجه التشبيه غير واحد ، لكنه في حكم الواحد ، فهو على نوعين : إما أن يكون مستندا إلى الحس : كسقط النار إذا شبه بعين الديك في الهيئة الحاصلة من الحمرة ، والشكل الكري ، والمقدار المخصوص ، وكالثريا إذا شبهت بعنقود الكرم المنور في الهيئة الحاصلة من تقارن الصور البيض المستديرة الصغار المقادير في المرأى على كيفية مخصوصة إلى مقدار مخصوص ، وكالشاة الجبلي إذا شبه بحمار أبتر مشقوق الشفة والحوافر ، نابت على رأسه شجرتا غضا (١) ، وكالشمس ، إذا شبهتها بالمرآة في كف الأشل ، في الهيئة الحاصلة التي تؤديها من الاستدارة مع الإشراق ، والحركة السريعة المتصلة ، وشبه تموج الإشراق ، أو إذا شبهتها بالبوتقة فيها ذهب ذائب ، كما قال (٢) :
والشمس من مشرقها قد بدت ... |
|
مشرقة ليس لها حاجب |
كأنها بوتقة أحميت ... |
|
يجول فيها ذهب ذائب |
في الهيئة الحاصلة ، من الاستدارة مع صفاء اللون ، واتصال الحركة ، وشبه مراوحة المتحرك بين انبساط وانقباض ، وذلك لأن البوتقة إذا أحميت وذاب فيها الذهب وأخذ يتحرك فيها بجملته من غير غليان ، متشكلا بشكل البوتقة في الاستدارة ، تلك الحركة العجيبة ، كأنه يهم بأن ينبسط ، حتى يفيض من جوانب البوتقة لما في طبعه من النعومة ، ثم يبدو له فيرجع إلى الانقباض ؛ لما بين أجزائه من كمال التلاحم وقوة الاتصال ،
__________________
(١) الغضا : شجر. وقيل : نبات الرّمل له هدب كهدب الأرطى.
(٢) أورده عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة ص (١٤٦) وعزاه للمهلبى الوزير ، والرازي في نهاية الإيجاز ص (٢٢٥) ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص (١٨١) ، والقزوينى في الإيضاح ص ٣٤٧ ، والعلوى في الطراز (١ / ٣٥٥).