النوع الثالث : النظر في الغرض من التشبيه :
الغرض من التشبيه في الأغلب يكون عائدا إلى المشبه ، ثم قد يعود إلى المشبه به.
أـ الغرض العائد إلى المشبه :
فإذا كان عائدا إلى المشبه ، فإما أن يكون :
١ ـ لبيان حاله ، كما إذا قيل لك : ما لون عمامتك؟ قلت : كلون هذه. وأشرت إلى عمامة لديك.
٢ ـ وإما أن يكون : لبيان مقدار حاله ، كما إذا قلت : هو في سواده كحلك الغراب.
٣ ـ وإما أن يكون لبيان إمكان وجوده ، كما إذا رمت تفضيل واحد على الجنس إلى حد يوهم إخراجه عن البشرية إلى نوع أشرف ، وأنه في الظاهر كما ترى أمر كالممتنع ، فتتبعه التشبيه لبيان إمكانه ، قائلا : حاله كحال المسك ، الذي هو بعض دم الغزال (١) ، وليس يعد في الدماء ، لما اكتسب من الفضيلة الموجبة إخراجه إلى نوع أشرف من الدم.
٤ ـ وإما أن يكون لتقوية شأنه في نفس السامع ، وزيادة تقرير له عنده ، كما إذا كنت مع صاحبك في تقرير أنه لا يحصل من سعيه على طائل ، ثم أخذت ترقم على الماء ، وقلت : هل أفاد رقمي على الماء نقشا ما : إنك في سعيك هذا كرقمي على الماء ، فإنك تجد لتمثيلك هذا من التقرير ما لا يخفى.
٥ ـ وإما أن يكون لإبرازه إلى السامع في معرض التزيين ، أو التشويه ، أو الاستطراف وما شاكل ذلك ، كما إذا شبهت وجها أسود بمقلة الظبي ، إفراغا له في قالب الحسن ، وابتغاء تزيينه ، أو كما إذا شبهت وجها مجدورا بسلحة (٢) جامدة وقد
__________________
(١) قال المتنبي :
فإن تفق الأنام وأنت منهم ... |
|
فإن المسك بعض دم الغزال |
(٢) السّلحة : اسم لذى البطن ، وقيل : لما رقّ منه من كل ذي بطن ، وجمعه سلوح وسلحان.