ومنها : أن النفس لما تعرف أقبل منها لما لا تعرف ، لمحبتها العلم طبعا؟.
ومنها : أنّ تجدد صورة عندها ، أحب إليها وألذّ عندها من مشاهدة معاد ، وأنه من القبول ، بحيث يغني أن يستعان فيه بتلاوة أكره من معاد ، ولكل جديد لذة. ولعمري إن التوفيق ، بين حكم الإلف وبين حكم التكرير ، أحوج شيء إلى التأمل ، فليفعل ، لأن الإلف مع الشيء لا يتحصل إلا بتكرره على النفس ، ولو كان التكرار يورث الكراهة لكان المألوف أكره شيء عند النفس ، وامتنع إذ ذاك [نزعها](١) إلى مألوف ، والوجدان يكذب ذلك.
من أسباب قرب التشبيه :
وإذ قد تقدم إليك ما ذكرناه فنقول : من أسباب قرب التشبيه ، وكونه نازل الدرجة
١ ـ أن يكون وجهه أمرا واحدا ، كالسواد في قولك : خ خ هندي كالفحم ، أو البياض في قولك : خ خ شهد كالثلج.
٢ ـ أو أن يكون المشبه به مناسبا للمشبه ، كما إذا شبهت الجرة الصغيرة بالكوز ، أو الجزرة الضخمة المستطيلة بالفجل ، أو العنبة الكبيرة السوداء بالإجاصة.
٣ ـ أو أن يكون المشبه به غالب الحضور في خزانة الصور بجهة من الجهات ، كما إذا شبهت الشعر الأسود بالليل ، أو الوجه الجميل بالبدر ، أو المحبوب بالروح.
ومن أسباب بعده وغرابته :
١ ـ أن يكون وجه التشبيه أمورا كثيرة ، كما في تشبيه سقط النار بعين الديك ، أو تشبيه
__________________
(١) في (غ) و (د) (نزاعها).