لحق الحكمة ، مثل ما ترى في الفصم بالفاء ، الذي هو حرف رخو ، لكسر الشيء من غير أن يبين ، و: القصم بالقاف ، الذي هو حرف شديد ، لكسر الشيء حتى يبين ، وفي : الثلم ، بالميم الذي هو حرف خفيف ، ما يبنى للخل في الجدار ،
و: الثلب ، بالباء الذي هو حرف شديد ، للخلل في العرض. وفي الزفير ، بالفاء لصوت الحمار ، و: الزئير ، بالهمز الذي هو شديد ، لصوت الأسد. وما شاكل ذلك.
خواص التراكيب :
وإن للتركيب : كالفعلان والفعلى ، بتحريك العين منهما مثل : النّزوان والحيدى ، وفعل مثل : شرف ، وغير ذلك ، خواص أيضا ، فيلزم فيها ما يلزم في الحروف ، وفي ذلك نوع تأثير لأنفس الكلم في اختصاصها بالمعاني.
هذا ، والحق بعد ، أما التوقيف ، والإلهام ، قولا بأن المخصص هو تعالى ؛ وأما الوضع والاصطلاح ، قولا بإسناد التخصيص إلى العقلاء والمرجع بالآخرة فيهما أمر واحد ، وهو الوضع.
لكن الواضع : إما الله ، عزوجل ، وإما غيره. والوضع عبارة عن تعيين اللفظة بإزاء معنى بنفسها ، وقولى : خ خ بنفسها احتراز عن المجاز إذا عينته بإزاء ما أردته بقرينة ، فإن ذلك التعيين لا يسمى وضعا ، وإذا عرفت أن دلالة الكلمة على المعنى موقوفة على الوضع ، وأن الوضع تعيين الكلمة بإزاء معنى بنفسها ، وعندك علم أن دلالة معنى على معنى غير ممتنعة ، عرفت صحة أن تستعمل الكلمة مطلوبا بها نفسها : تارة معناها الذي هي موضوعة له ، ومطلوبا بها أخرى : معنى معناها بمعونة قرينة. ومبنى كون الكلمة حقيقة ومجازا على هذا.
ما هي الحقيقة؟ :
فالحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما هي موضوعة له من غير تأويل في الوضع ، كاستعمال الأسد في الهيكل المخصوص ، فلفظ خ خ الأسد موضوع له بالتحقيق ولا تأويل فيه ، وإنما ذكرت هذا القيد ليحترز به عن الاستعارة ، ففي الاستعارة تعد الكلمة مشتملة فيما هي موضوعة له على أصح القولين ، ولا نسميها حقيقة ، بل نسميها مجازا