وكذا المجاز سمي : مجازا لجهة التناسب ؛ لأن المجاز خ خ مفعل من جاز المكان يجوزه إذا تعداه ، والكلمة إذا استعملت في غير ما هي موضع له ، وهو ما تدل عليه بنفسها ، فقد تعدت موضعها الأصلي ، واعتبار التناسب في التسمية مزلة أقدام ، ربما شاهدت فيها من الزلل ما تعجبت ، فإياك والتسوية بين تسمية إنسان له حمرة بأحمر ، وبين وصفه بأحمر ، أن تزل. فإن اعتبار المعنى في التسمية لترجيح الاسم على غيره حال تخصيصه بالمسمى ، واعتبار المعنى في الوصف لصحة إطلاقه عليه ، فأين أحدهما عن الآخر ، وأن كثيرا سووا ، ثم سمعونا نقول : الله عز اسمه ، سمي : الله ، لكونه محار عقول ، اشتقاقا من كذا ، أو لكونه معبودا ، اشتقاقا من كذا ، فظنونا أسأنا ، فأخذوا يرمون ، والمرمى حيث بانوا وظلوا ، إله الخلق غفرا.
تحديد الحقيقة والمجاز :
وتحد الحقيقة والمجاز عند أصحابنا في هذا النوع بغير ما ذكرت.
يحدون الحقيقة هكذا : كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع واضع وقوعا لا تستند فيه إلى غيره ، وإنما يقولون : خ خ واضع ، بالتنكير دون التعريف ليعم واضع اللغة ، وغيره من أصحاب الأوضاع المتأخرة عن وضع اللغة ، والضمير في : خ خ فيه ، يعود إلى الوقوع ، وفي : خ خ غيره ، يعود إلى الوضع ، وإنما يذكرون هذا القيد تقريرا للمعنى الأول ، مثل أن يقولوا : كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع واضع ، لا ما وقعت له في غير وضع واضع ، والذي تقع له الكلمة في غير الوضع ، هو ما تتناوله عقلا بواسطة الوضع ، كما إذا وقعت للعشرة مثلا في الوضع ، فإنها تكون واقعة لخمسة وخمسة ، إلا أنها في وقوعها لخمسة وخمسة تستند إلى غير الوضع ، وهو العقل.
ويحدون المجاز هكذا : كل كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضع لملاحظة بين الثاني والأول ؛ فتأمل قولي وقولهم.
واعلم أن الكلمة حال وضعها اللغوي ، لما عرفت من أن الحقيقة ترجع إلى إثبات الكلمة في موضعها ، وأن المجاز يرجع إلى إخراج الكلمة عن موضعها ، حقها أن لا تسمى حقيقة ولا مجازا ، كالجسم حال الحدوث لا يسمى ساكنا ولا متحركا.
وأما حال الوضعين الأخيرين ، فحقها كذلك ، لكن في الأول بإطلاق ، وفي