الأخيرين بتقييد الحقيقة بنوعها ، مثل أن يقال : لا تكون حقيقة شرعية ولا مجازها ، ولا تكون حقيقة عرفية ولا مجازها ، وإن كان الإطلاق قد يحتمل.
وإذ قد تقدم إليك ما أحاطت به معرفتك ، فبالحري أن نشمر الذيل لتلخيص ما عند السلف ، وتخليصه مما يقع من الحشو في البين ، وأن نسوقه إليك مرتبا ترتيبا يقيد أوابد فوائدهم ، مقررا تقريرا يميط اللثام عن وجوه فرائدهم ، فاعلين ذلك لنطلعك على كنه ما أجروا إليه ، ونعثرك على شأو ما قد أناخوا لديه ، منبهين في أثناء المساق على ما يرونه وما نحن نراه ، فإذا استناخا من كمال تأملك في بحبوحة ذراه ، آثرت عن استطلاع طلعتهما (١) أيا شئت.
أقسام المجاز :
اعلم أن المجاز عند السلف من علماء هذا الفن قسمان : لغوي ، وهو ما تقدم ويسمى مجازا في المفرد ؛ وعقلي ، وسيأتيك تعريفه ويسمى مجازا في الجملة.
واللغوي قسمان : قسم يرجع إلى معنى الكلمة ، وقسم يرجع إلى حكم لها في الكلام ، والراجع إلى معنى الكلمة قسمان : خال عن الفائدة ، ومتضمن لها ، والمتضمن للفائدة قسمان : خال عن المبالغة في التشبيه ، ومتضمن لها ، وأنه يسمى الاستعارة ، ولها انقسامات ، فهذه فصول خمسة : مجاز لغوي راجع إلى المعنى خال عن الفائدة ، مجاز لغوي معنوي مفيد خال عن المبالغة في التشبيه : استعارة ، مجاز لغوي راجع إلى حكم الكلمة ، مجاز عقلي ، ويتلوه الكلام في : الحقيقة العقلية. وأنا أسوق إليك هذه الفصول بعون الله تعالى وهو المستعان.
__________________
(١) كذا في (ط) و (د) ، وفي (غ) طلعتها.