الفصل الثالث
الاستعارة
في الاستعارة هي : أن تذكر أحد طرفي التشبيه وتريد به الطرف الآخر ، مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به ، دالا على ذلك بإثباتك للمشبه ما يخص المشبه به ، كما تقول : خ خ في الحمام أسد وأنت تريد به الشجاع ، مدّعيا أنه من جنس الأسود ، فتثبت للشجاع ما يخص المشبه به ، وهم اسم جنسه ، مع سد طريق التشبيه بإفراده في الذكر ، أو كما تقول : خ خ إن المنية أنشبت أظفارها (١) ، وأنت تريد بالمنية : السبع ، بادعاء السبعية لها ، وإنكار أن تكون شيئا غير سبع ، فتثبت لها ما يخص المشبه به ، وهو : الأظفار. وسمي هذا النوع من المجاز استعارة ، لمكان التناسب بينه وبين معنى الاستعارة.
وذلك أنا متى ادعينا في المشبه كونه داخلا في حقيقة المشبه به ، فردا من أفرادها ، برز فيما صادف من جانب المشبه به ، سواء كان اسم جنسه وحقيقته ، أو لازما من لوازمها ، في معرض نفس المشبه به ، نظرا إلى ظاهر الحال من الدعوى ، فالشجاع ، حال دعوى كونه فردا من أفراد حقيقة الأسد ، يكتسي اسم الأسد اكتساء الهيكل المخصوص إياه ، نظرا إلى الدعوى ، والمنية ، حال دعوى كونها داخلة في حقيقة السبع ، إذا أثبت لها مخلب أو ناب ، ظهرت مع ذلك ظهور نفس السبع معه في أنه كذلك ينبغي ، وكذلك الصورة المتوهمة على شكل المخلب أو الناب ، مع المنية المدعى أنها سبع ، تبرز في [تسميتها](٢) باسم المخلب بروز الصورة المتحققة المسماة باسم المخلب من غير فرق ، نظرا إلى الدعوى.
وهذا شأن العارية ، فإن المستعير يبرز معها في معرض المستعار منه ، لا يتفاوتان إلا في أن أحدهما إذا فتش عنها مالك والآخر ليس كذلك. وهاهنا سؤال وجواب
__________________
(١) قال أبو ذؤيب الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... |
|
ألفيت كل تميمة لا تنفع. |
والبيت ذكره الطيبى في التبيان (١ / ٣٠٣) بتحقيقى.
(٢) في (د) (تسميها)