قرينة الاستعارة :
واعلم أن قرينة الاستعارة ربما كانت معنى واحدا ، كالذي رأيت في الأمثلة المذكورة ، وربما كانت معان مربوطا بعضها ببعض كما
في قوله (١) :
وصاعقة من نصله تنكفي بها ... |
|
على أرؤس الأقران خمس سحائب |
انظر حين أراد استعارة السحائب لأنامل يمين الممدوح ، تفريعا على ما جرت به العادة من تشبيه الجواد بالبحر الفياض تارة ، وبالسحاب الهطال أخرى ؛ ماذا صنع؟ ذكر أن هناك صاعقة ، ثم قال : خ خ من نصله ، فبين أن تلك الصاعقة من نصل سيفه ، ثم قال : خ خ على أرؤس الأقران ، ثم قال : خ خ خمس ، فذكر العدد الذي هو عدد جميع أنامل اليد ، فجعل ذلك كله قرينة لما أراد من استعارة السحائب للأنامل ؛ ومن الأمثلة استعارة وصف إحدى صورتين [منتزعين](٢) من أمور لوصف الأخرى ، مثل أن تجد إنسانا استفتى في مسألة ، فيهم تارة بإطلاق اللسان ليجيب ، ولا يهم أخرى ، فتأخذ صورة تردده هذا ، فتشبهها بصورة تردد إنسان قام ليذهب في أمر ، فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا ، وتارة لا يريد فيؤخر أخرى ، ثم تدخل صورة المشبه في جنس صورة المشبه به روما للمبالغة في التشبيه ، فتكسوها وصف المشبه به من غير تغيير فيه بوجه من الوجوه ، على سبيل الاستعارة ، قائلا : خ خ أراك أيها المفتي تقدم رجلا وتؤخر أخرى ؛ وهذا نسميه : التمثيل على سبيل الاستعارة ؛ ولكون الأمثال كلها تمثيلات على سبيل الاستعارة ، لا يجد التغيير إليها سبيلا ، فاعلم.
__________________
(١) أورده الطيبى في التبيان (١ / ٣٠٠) بتحقيقى وعزاه للبحتري وفي شرحه على مشكاة المصابيح (١ / ١١٧) بتحقيقى أيضا ، والعلوى في الطراز (١ / ٢٣١) ، وديوان البحتري (٢ / ٣٥٦).
(٢) في (غ) و (د) (منتزعتين).