القسم الخامس
في الاستعارة الأصلية
هي أن يكون المستعار اسم جنس ، كرجل وأسد ، وكقيام وقعود ، ووجه كونها أصلية هو ما عرفت أن الاستعارة مبناها على تشبيه المستعار له بالمستعار منه ؛ وقد تقدم في باب التشبيه : أن التشبيه ليس إلّا وصفا للمشبه بكونه مشاركا للمشبه به في وجه ، والأصل في الموصوفية هي الحقائق ، مثل ما تقول : خ خ جسم أبيض أو خ خ بياض صاف ، وخ خ جسم طويل أو خ خ طول مفرط ، وإنما قلت : خ خ الأصل في الموصوفية هي الحقائق ، ولم أقل : خ خ لا يعقل الوصف إلا للحقيقة ، قصرا للمسافة حيث يقولون في نحو : خ خ شجاع باسل ، وخ خ جواد فياض ، وخ خ عالم نحرير ، إنّ : خ خ باسلا وصف لشجاع ، وخ خ فياضا وصف لجواد ، وخ خ نحريرا وصف لعالم.
القسم السادس
في الاستعارة التبعية
هي ما تقع في غير أسماء الأجناس : كالأفعال ، والصفات المشتقة منها ، وكالحروف ؛ بناء على دعوى أن الاستعارة تعتمد التشبيه ، والتشبيه يعتمد كون المشبه موصوفا. والأفعال ، والصفات المشتقة منها ، والحروف عن أن توصف بمعزل ، فهذه كلها عن احتمال الاستعارة في أنفسها بمعزل ، وإنما المحتمل لها ، في الأفعال والصفات المشتقة منها ، مصادرها ؛ وفي الحروف ، متعلقات معانيها. فتقع الاستعارة هناك ثم تسري فيها ، وأعني : بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر عنها عند تفسيرها ، مثل قولنا : من : معناها ابتداء الغاية ، وإلى : معناها انتهاء الغاية ، وكي : معناها الغرض. فابتداء الغاية وانتهاء الغاية والغرض ليست معانيها ، إذ لو كانت هي معانيها ، والابتداء والانتهاء والغرض : أسماء ؛ لكانت هي أيضا أسماء ؛ لأن الكلمة إذا سميت اسما سميت لمعنى الاسمية لها ، وإنما هي متعلقات معانيها ، أي إذا أفادت هذه الحروف معان ، رجعت إلى هذه بنوع استلزام ، فلا تستعير الفعل إلّا بعد استعارة مصدره ، فلا تقول : نطقت الحال ، بدل خ خ دلت ، إلّا بعد تقرير استعارة نطق الناطق لدلالة الحال ، على الوجه الذي عرفت ، من إدخال دلالة الحال في جنس نطق الناطق لقصد المبالغة في التشبيه ، وإلحاق إيضاح دلالة