الحال للمعنى بإيضاح نطق الناطق له ، وكذا إذا قلت : خ خ الحال ناطقة بكذا ، بدل : خ خ دالة على كذا ، وكذا قوله عز سلطانه : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١) في الاستعارة التهكمية ، بدل : فأنذرهم ، وقول قوم شعيب : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)(٢) بدل : السفيه الغوي ، لقرائن أحوالهم.
ومما نحن فيه قولهم للشمس : خ خ جونة لشدة ضوئها ، والجون الأسود ، وللغراب : أعور لحدة بصره ، وعلى هذا لا تستعير الحرف إلّا بعد تقدير الاستعارة في متعلق معناه.
الاستعارة ب" لعل" :
فإذا أردت استعارة خ خ لعل ، لغير معناها ، قدرت الاستعارة في معنى الترجي ، ثم استعملت هناك : لعل ؛ مثل أن تبني على أصول العدل ، ذاهبا إلى [أن](٣) الصانع حكيم ، تعالى وتقدس أن يكون في أفعاله عبث ، بل كل ذلك حكمة وصواب مفعول لغرض صحيح ، ما خلق الإنسان إلّا لغرض الإحسان ، وحين ركب فيه الشهوة الحاملة على فعل ما يجب تركه ، والنفرة الحاملة على ترك ما يجب فعله ، وأودع عقله المضادة لحكميهما ، حتى تنازعته أيدي الدواعي والصوارف ، فوقفت به حيث الحيرة ، لا متقدم له عنه ولا متأخر تحمله الحيرة على ما لا يورثه إلّا العناء ، إذا اتبع العقل وقع من النفس المشتهية النافرة في عناء ، وإذا اتبع النفس وقع من العقل الناهي الآمر في عناء ، لا مخلص هناك مما أوقعه في ورطة تلك الحيرة سفها ولا عبثا ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وإنما فعل ذلك لغرض الإحسان ، وهو التكليف ، ليتمكن من اكتساب ما لا يحسن فعله في حقه ، ابتداء من التعظيم العظيم ، مع الدوام في ضمن التمتيع من أنواع المشتهيات بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على بال أحد ، مخلصة أن يشوبها منغص ما ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ٢١.
(٢) سورة هود الآية ٨٧.
(٣) ساقطة من (ط).