فيكتسبه إن شاء لا بالقسر ، ولذلك وضع زمام الاختيار في يده ممكّنا إياه من فعل الطاعة والمعصية ، مريدا منه أن يختار ما يثمر له تلك السعادة الأبدية ، مزيحا في ذلك جميع علله ، فتشبه حال المكلف الممكّن من فعل الطاعة والمعصية ، مع الإرادة منه أن يطيع باختياره ، بحال المرتجي المخير بين أن يفعل وأن لا يفعل ، ثم تستعير لجانب المشبه : لعل ، جاعلا قرينة الاستعارة علم العالم [بالذات](١) الذي لا يخفى عليه خافية ، يعلم ما كان وما [هو](٢) كائن وما سيكون ، قائلا : خلق الله الخلق لعلهم يعبدون ، أو لعلهم يتقون ، وعليه قول رب العزة علام الغيوب : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٣) ، ونظائره.
الاستعارة ب" اللام" :
وإذا أردت استعارة خ خ لام الغرض ، قدرت الاستعارة في معنى الغرض ، ثم استعملت لام الغرض هناك ، مثل أن يكون عندك ترتب وجود أمر على أمر ، من غير أن يكون الثاني مطلوبا بالأول ، ويكون الأول غرضا فيه فتشبّههه بترتّب وجود بين أمرين ، مطلوب بالأول منهما الثاني ، ثم تستعير للترتب المشبه كلمة الترتيب المشبه به في ضمن قرينة مانعة عن حملها على ما هي موضوعة له ، فتقول إذا رأيت عاقلا : قد أحسن إلى إنسان ثم آذاه ، ذلك أنه قد أحسن إليه ليؤذيه ، ومن ذلك قوله علت كلمته : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(٤)
الاستعارة ب" ربما" :
وقد ظهر مما نحن فيه أن (ربما) في قوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)(٥) ، حقها أن تعد من باب الاستعارة التهكمية ، وأن تعد تبعية على قول
__________________
(١) في (د) : الذات.
(٢) غير موجودة في (د).
(٣) سورة البقرة الآية ٢١.
(٤) سورة القصص الآية ٨.
(٥) سورة الحجر الآية ٢.