ثم إذا انضم إليها المشاكلة ، كما في قوله عز اسمه : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(١) ، كانت أحسن وأحسن ، وقلما تحسن الحسن البليغ غير تابعة لها ، ولذلك استهجنت في قول الطائي (٢) :
لا تسقني ماء الملام فإنّني ... |
|
صبّ قد استعذبت ماء بكائي |
أنواع الاستعارة :
ولما أن الاستعارة مبناها على التشبيه ، تتنوع إلى خمسة أنواع ، تنوع التشبيه إليها : استعارة محسوس لمحسوس بوجه حسي أو بوجه عقلي ، واستعارة معقول لمعقول ، واستعارة محسوس لمعقول ، واستعارة معقول لمحسوس.
فمن النوع الأول قوله عز اسمه : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٣) ؛ فالمستعار منه هو : النار ، والمستعار له هو : الشيب ، والجامع بينهما هو : الانبساط ، ولكنه في النار أقوى ، فالطرفان حسيان ووجه الشبه حسيّ.
ومن الثاني قوله عز اسمه : (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)(٤) ، فالمستعار له : الريح والمستعار منه : المرء ، والجامع : المنع من ظهور النتيجة والأثر ، فالطرفان : حسيان ووجه الشبه : عقلي. وكذلك قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)(٥)
__________________
(١) سورة الفتح ، الآية : ١٠. وما ذهب إليها الشيخ من المشاكلة في الآية غير مسلّم على مذهب أهل الحق ، فصفة اليد ثابته على الحقيقة له سبحانه ، والقول بإثبات الصفة لا يمنع إثبات لوازمها من الإعانة والرعاية والإنعام والتأييد وغير ذلك ، فهذا كله فرع إثبات الصفة ، فلا ينبغى أن يكون ذريعة لنفيها ، وقد أبعد الشيخ النجعة هنا حيث جعلها من قبيل المشكلة.
(٢) أورده فخر الدين الرازي في نهاية الإيجاز ص ٢٥٤ وعزاه لأبي تمام ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١٤٢.
(٣) سورة مريم ، الآية : ٤.
(٤) سورة الذاريات الآية ٤١.
(٥) سورة يس ، الآية : ٣٧.