الفصل الرابع
المجاز اللغوي الراجع إلى حكم الكلمة في الكلام
من فصول المجاز في المجاز اللغوي الراجع إلى حكم الكلمة في الكلام هو عند السلف ، رحمهمالله ، أن تكون الكلمة منقولة عن حكم لها أصلي ، إلى غيره ، كما في قوله علت كلمته : (وَجاءَ رَبُّكَ)(١) ؛ فالأصل وجاء أمر ربك ، فالحكم الأصلي في الكلام لقوله : خ خ ربك هو الجر ، وأما الرفع فمجاز ، وفي قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٢) والأصل : خ خ واسأل أهل القرية ، فالحكم الأصلي للقرية في الكلام هو الجر ، والنصب مجاز ، وفي قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٣) ، فالأصل : ليس مثله شيء ، بنصب خ خ مثله والجر مجاز. ومدار هذا النوع على حرف واحد ، وهو أن تكتسي الكلمة حركة لأجل حذف كلمة لا بد من معناها ، أو لأجل إثبات كلمة مستغنى عنها استغناء واضحا ، كالكاف في قول عز اسمه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ،) أو الباء : في نحو : خ خ بحسبك أن تفعل كذا ، ونحو : خ خ كفى بالله ، دون الباء في نحو : ليس زيد بمنطلق ، أو ما زيد بقائم.
ورأيي في هذا النوع أن يعد ملحقا بالمجاز ، ومشبها به ، لما بينهما من الشبه ، وهو اشتراكهما في التعدي عن الأصل إلى غير أصل ، لا أن يعد مجازا وبسبب هذا لم أذكر الحد شاملا له ، ولكن العهدة في ذلك على السلف.
__________________
(١) سورة الفجر ، الآية : ٢٢. ولا مانع هنا من حمل المجىء على الحقيقة إذ لا يصار إلى المجاز إلا بقرينة مع استحالة الحمل على الحقيقة.
(٢) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.
(٣) سورة الشورى ، الآية : ١١.