الفصل الخامس
في المجاز العقلي
المجاز العقلي هو الكلام المفاد به خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه ، لضرب من التأويل ، إفادة للخلاف لا بوساطة وضع ، كقولك : خ خ أنبت الربيع البقل ، وخ خ شفى الطبيب المريض ، وخ خ كسا الخليفة الكعبة ، وخ خ هزم الأمير الجند ، وخ خ بنى الوزير القصر. وإنما قلت : خ خ خلاف ما عند المتكلم من الحكم فيه ، دون أن أقول : خ خ خلاف ما عند العقل ، لئلا يمتنع طرده بما إذا قال الدهري عن اعتقاد جهل ، أو جاهل غيره : خ خ أنبت الربيع البقل ، رائيا إنبات البقل من الربيع ، فإنه لا يسمى كلامه ذلك مجازا ، وإن كان بخلاف العقل في نفس الأمر ، ولذلك لا تراهم يحملون نحو (١) :
أشاب الصغير وأفنى الكبير ... |
|
كرّ الغداة ومرّ العشي |
على المجاز ، ما لم يعلموا ، أو يغلب في ظنهم ، أن قائله ما قاله عن اعتقاد.
__________________
(١) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص (١٤٤) ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص ١٥ وهو لقثم بن خبيه بن عبد القيس المعروف بالصلتان العبدي من شعراء الدوله الأموية ، والطيبى في التبيان (١ / ٣٢٠) بتحقيقى ، والطيبى في شرحه على مشكاة المصابيح (١ / ١٢٣) بتحقيقى أيضا.