الأصل الثالث
من علم البيان في الكناية
تقديم :
الكناية هي ترك التصريح بذكر الشيء إلى ذكر ما يلزمه ، لينتقل من المذكور إلى المتروك ، كما تقول : فلان طويل النجاد ، لينتقل منه إلى ما هو ملزومه ، وهو طول القامة ، وكما تقول : فلانة نؤوم الضحى ، لينتقل منه إلى ما هو ملزومه ، وهو كونها مخدومة ، غير محتاجة إلى السعي بنفسها في إصلاح المهمات ، وذلك أن وقت الضحى وقت سعي نساء العرب في أمر المعاش وكفاية أسبابه ، وتحصيل ما تحتاج إليه في تهيئة المتناولات ، وتدبير إصلاحها ، فلا تنام فيه من نسائهم إلّا من تكون لها خدم ينوبون عنها في السعي لذلك.
وسمي هذا النوع كناية ، لما فيه من إخفاء وجه التصريح ، ودلالة : خ خ كنى على ذلك ، لأن : (ك ، ن ، ي) ، كيفما تركبت ، دارت مع تأدية معنى الخفاء ، من ذلك : كنى عن الشيء يكني ، إذا لم يصرح به ، ومنه : الكنى ، وهو : أبو فلان ، وابن فلان ، وأم فلان ، وبنت فلان ، سميت : كنى ، لما فيها من إخفاء وجه التصريح بأسمائهم الأعلام ، ومن ذلك : نكى في العدو ، ينكى ، إذا أوصل إليه مضار من حيث لا يشعر بها ، ومنه : نكايات الزمان لجوائحها الملمة على بنيه من حيث لا يشعرون ؛ ومن ذلك : الكين : للّحمة [المستبطنة](١) في فلهم (٢) المرأة لخفائها ، ومن ذلك : مقلوب الكين (٣) ؛ قلب الكل لإخفاء الناس إياه واحترازهم أن يصرحوا بلفظه ، فضلا أن يرتكبوا معناه جهارا.
__________________
(١) في (غ) و (ط) : المستنبطة.
(٢) فلهم : فرج المرأة الضخم الطويل الإسكتين القبيح ، والفلهم من جهاز النساء ما كان منفرجا ، وبئر فله : واسعة الجوف.
(٣) الكين : لحمة داخل فرج المرأة ، والكين : البظر.