ثم إن الكناية تتفاوت إلى تعريض ، وتلويح ، ورمز ، وإيماء ، وإشارة ؛ ومساق الحديث يحسر لك اللثام عن ذلك.
والفرق بين المجاز والكناية يظهر من وجهين :
أحدهما : أن الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة بلفظها ، فلا يمتنع في قولك : خ خ فلان طويل النجاد ، أن تريد طول نجاده ، من غير ارتكاب تأول مع إرادة طول قامته ، وفي قولك : خ خ فلانة [نؤوم](١) الضحى ، أن تريد : أنها تنام ضحى ، لا عن تأويل يرتكب في ذلك ، مع إرادة كونها مخدومة مرفهة.
والمجاز ينافي ذلك ، فلا يصح في نحو : خ خ رعينا الغيث ، أن تريد معنى الغيث ، وفي نحو قولك : في خ خ الحمام أسد ، أن تريد معنى الأسد ، من غير تأويل ، وأنى؟ والمجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة كما عرفت ، وملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشيء.
والثاني : أن مبنى الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم ، ومبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم ، كما سنعود إلى هذا المعنى عند ترجيح الكناية على التصريح.
أقسام الكناية :
وإذ قد سمعت : أن الكناية ينتقل فيها من اللازم إلى الملزوم ، فاسمع أن المطلوب بالكناية لا يخرج عن أقسام ثلاثة :
أحدها : طلب نفس الموصوف.
وثانيها : طلب نفس الصفة.
وثالثها : تخصيص الصفة بالموصوف.
والمراد بالوصف هاهنا : كالجود في الجواد ، والكرم في الكريم ، والشجاعة في الشجاع ، وما جرى مجراها.
__________________
(١) في (د) ، و (غ) نومة.